فن صناعة الفرعون
منظمة الصحة العالمية تعلن إصابة موظف بجروح خطيرة نتيجة قصف إسرائيلي استهدف مطارًا في اليمن أكرم الروماني مدرب مؤقت لفريق المغرب الفاسي كمدرب مؤقت خلفاً للمدرب المقال الإيطالي غولييرمو أرينا منع تام لحضور جمهور الرجاء الرياضي إلى الملعب البلدي ببركان وليس التنقل الجماعي فقط إيران تعلن استئناف المباحثات النووية مع القوى الأوروبية في يناير 2025 جيش الاحتلال الإسرائيلي يُعلن مقتـل 3 عسكريين بينهم ضابط في المعارك التي تجري مع فصائل المقاومة الفلسطينية شمال قطاع غزة قصر الإليزيه يُعلن تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة بقيادة فرانسوا بايرو التقرير الإحصائي اليومي لعدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ444 جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال رئيس مُديرية الأمن العام التابع لحركة حماس السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة
أخر الأخبار

فن صناعة الفرعون

المغرب اليوم -

فن صناعة الفرعون

فهمي هويدي

أثناء صلاة العيد جلس الرئيس محمدمرسى محاطا بكبار المسئولين فى الدولة. نائب الرئيس ورئيس الوزراء وشيخ الأزهر ووزيرا الدفاع والداخلية وغيرهم. إلا أن الرئيس وحده وضعت أمامه سجادة صغيرة. فوق سجادة المسجد الكبير. التى كانت قد غسلت ونظفت سواء بمناسبة العيد أو بمناسبة صلاة الرئيس فى المسجد. لم أتابع بث صلاة العيد عبر التليفزيون، لكن أكثر من واحد نبهنى إلى حكاية سجادة الرئيس بعد صلاة الجمعة، ورأيتها واضحة بعد ذلك فى الصور التى نشرتها الصحف فى اليوم التالى «أمس السبت 22/10». أحد الأسئلة التى أثارها عندى المشهد كالتالى: لماذا خصُّوا الرئيس بسجادة له وحده، ولم يفعلوها مع غيره من كبار المسئولين المحيطين به؟ الرد المباشر الذى خطر لى أن ذلك حدث لأن هناك من رأى أن الرئيس ينبغى أن يختلف عن غيره، حتى فى الوقوف أمام الله. قد تبدو الملاحظة بسيطة، ولست أشك فى أن الرئيس لا علاقة له بما حدث، ولكنى وجدت لها دلالة جديرة بالتسجيل. شجعنى على ذلك أننى سمعت كلاما يلوكه البعض عن الاستعدادات الخاصة التى ترتب لاستقبال الرئيس، حتى فى صلوات الجمعة التى يحرص على أدائها بين الناس. حدثنى نفر من هؤلاء عما حدث حين أدى صلاة الجمعة فى مرسى مطروح، فتم تغيير السجاد فى المسجد الذى أعيد طلاؤه، وكانت الرسالة واضحة فى أن ذلك كله لم يحدث لأجل الناس، وإنما كان تعبيرا عن الحفاوة بالرئيس، ولست أشك فى أن ذلك يحدث للرئيس حيثما حل. وإذا صح ذلك فهو يعنى أن الرئيس كلما ذهب إلى مكان فإنه لا يراه على حقيقته، وإنما يتم تحسينه وتجميله لكى تطمس فيه الحقيقة، وإذا ضممت ذلك الانطباع إلى معلومة السجادة التى وضعت للرئيس دون غيره أثناء صلاة العيد، فقد توافقنى فى أن البيروقراطية المصرية لا تكف عن توجيه الرسائل إليه، التى توحى له بأنه يجب أن يتميز عن غيره من كبار المسئولين، فى الوقت الذى تسعى فيه أصابع البيروقراطية لتزوير الواقع الذى تقع عليه عيناه، بحيث لا يتمكن من أن يرانا على حقيقتنا. ما دعانى إلى إبداء أمثال تلك الملاحظات الصغيرة أن مسئولا مخضرما عاش فى المطبخ الرئاسى ردحا من الزمن قال لى ذات مرة إن البيروقراطية المصرية تملك قدرا كبيرا من الحكمة والدهاء والصبر. ذلك أنه ما من مسئول كبير يتولى موقعه ويريد أن يتصرف على سجيته، إلا ونسجت حوله الأجهزة البيروقراطية خيوطها فى هدوء شديد حتى تضعه فى القالب الذى تريده هى وليس ما يريده هو. بحيث يتحول صاحبنا بمضى الوقت إلى شخص آخر غير الذى تسلم المنصب. سيظل بنفس الاسم والشكل بطبيعة الحال، لكنه سيختلف فى السلوك والأداء وربما فى ثيابه التى يرتديها، بل وفى مشيته وكيفية تواصله مع الآخرين. يكفى أن تشعره الأجهزة بأنه ليس كائنا عاديا، لكنه شخص مختلف عن غيره، ولأنه مهم فلابد أن يكون مستهدفا، الأمر الذى لا يتم التعامل معه إلا بتكثيف الإجراءات والاحتياطات الأمنية. وحينذاك تتوالى سلسلة من الإجراءات التى لا يستطيع أحد مناقشتها أو ردها. إذ من أجل الحفاظ على حياة الرئيس أو المسئول الكبير لابد من احتياطات معينة تتعلق بمسكنه وموكبه واستقبالاته وخطوط الاتصال به.. الخ. صحيح أنه عادة ما يتمنع فى البداية، ولكن أساليب الدهاء والنفس الطويل التى تجيدها الأجهزة البيروقراطية تجعله يستسلم فى نهاية المطاف، بحيث تصنع من الإنسان الذى قدم إلى المنصب، فرعونا لا يشق له غبار. إن ترزية القوانين يمثلون وحدة أخرى فى مؤسسة تصنيع الفراعين، وهى وثيقة الصلة بالمؤسسة الأمنية. لأنها تتولى تغطية ممارساتها وتقنينها لتأمين الفرعون وتبييض صورته. وتقاس براعة هؤلاء جميعا بمقدار إتقانهم للدور بحيث يتم تصنيع الفرعون دون أن يشعر بالتحول الذى يفرض عليه وينسج من حوله. فى هذا الصدد قال لى أحد العارفين  بأساليب الأجهزة البيروقراطية إن الرئيس مرسى فاجأ المحيطين به حين ظهر فوق إحدى المنصات فى ميدان التحرير يوم حلفه لليمين وفتح سترته أمام الملأ قائلا إنه لا يرتدى السترة الواقية من الرصاص. أضاف صاحبنا إن الرئيس فعلها لأنه كان جديدا على المنصب، لكنه لن يكررها بعد عام، وسيكون ذلك قراره الذى لن يفرضه عليه أحد. إذ سيكون عندئذ أكثر حذرا خصوصا أنه بدأ يستمع إلى الرسائل الأمنية التى تسرب إليه. لقد أكد لى أحد المقربين من الرئيس ما سبق أن ذكرته من أنه لا علاقة له بكل ما يرتب له ويثير اللغط فى بعض الأوساط، ثم سألنى: ما الذى يفعله الرجل فى هذه الحالة؟ قلت: بوسعه أن يعلن على الملأ رفضه للترتيبات الاستثنائية التى تعد له، وأن يبلغ المسئولين فى كل جهة يقصدها بأنه يريد أن يرى الواقع كما هو دون تزويق أو تزوير. أضفت بعد ذلك أن الرئيس لو طوى السجادة التى خصصت له فى صلاة العيد ونحاها جانبا لأوصل تلك الرسالة إلى الذين فعلوها، ولأسكت اللغط الذى أثارته اللقطة. نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فن صناعة الفرعون فن صناعة الفرعون



GMT 10:34 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:32 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 10:31 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:29 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 10:27 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:25 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المثقف وزرقاء اليمامة وكناري المنجم

GMT 10:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تطابق من سبايك لى إلى هانى أبو أسعد!!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 14:26 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مولودية الجزائر تتأهل لثمن نهائي كأس محمد السادس للأبطال

GMT 08:48 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

عبايات سعودية ولفات حجاب جديدة للسمراوات

GMT 19:38 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

محمد مديحي مدربا للمغرب الرياضي الفاسي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib