انكسر حصار غزة

انكسر حصار غزة

المغرب اليوم -

انكسر حصار غزة

فهمي هويدي

قل ما شئت فى حق قطر وسياساتها. أو فى حق قناة الجزيرة وأدائها، إلا أنك لا تستطيع أن تنكر أن زيارة أمير قطر لقطاع غزة تعد خطوة شجاعة ونبيلة، تستحق الحفاوة والتقدير. ذلك أن الرجل فعل ما لم يفعله غيره من القادة أو حتى المسئولين العرب. سواء فى إقدامه على كسر حصار القطاع، أو فى قراره المساهمة فى تعمير ما دمرته أو خربته الغارات الإسرائيلية. فالرسالة السياسية غاية فى الأهمية، والمساندة العملية والمادية لا تقل أهمية. صحيح أن مدة الزيارة ست ساعات فقط، إلا أنها كافية فى توصيل الرسالة وإعلانها على الملأ. وعلى قصرها فإنها لم تخل من لفتة جديرة بالملاحظة، تمثلت فى اصطحاب الأمير لقرينته الشيخة موزة، التى ترعى مدرستين أقامتهما فى القطاع، إحداهما لذوى الاحتياجات الخاصة من ضحايا الاجتياح الإسرائيلى والغارات اللاحقة. لعلى لا أبالغ إذا قلت إن الدلالة السياسية للزيارة تتجاوز حدود غزة، لأنها بمثابة دعوة للدول والمنظمات العربية لكى تتحرك وتسهم فى إعمار القطاع، إلى جانب أنها تنبه الدول النفطية والخليجية منها بوجه أخص إلى أن ثمة نموذجا مشرفا يتعين احتذاءه وأن عليها واجبا ينبغى أن تبادر إلى أدائه، وليس لها عذر إن هى تقاعست عن ذلك. وإذا كان التقدير واجبا للمبادرة التى قام بها أمير قطر، فإن ذلك التقدير ينبغى أن ينسحب أيضا على السلطة صاحبة القرار فى مصر، من ناحية لأنها رعت الزيارة وتحمست لها ومن ناحية أخرى حين فهم أنها ستفتح معبر رفح لكى يستقبل مواد البناء اللازمة لخطة الإعمار التى قيل إنها ستتكلف مليارا ونصف المليار دولار. ومعروف أن مثل تلك الاحتياجات لم يكن يسمح بتوصيلها عبر المعبر، وكانت السلطات المصرية تصر فى السابق على توجيهها إلى معبر كرم أبوسالم الخاضع للسلطة الإسرائيلية، فى حين كان معبر رفح مفتوحا (إذا فتح) لمرور الأفراد والبضائع فقط. تبرز أهمية ترتيب زيارة أمير قطر لقطاع غزة من خلال معبر رفح، الذى يمثل نقطة الاتصال الوحيدة المباشرة مع فلسطين. حين نعلم أن السلطات المصرية لم تتحمس لمثل تلك الزيارات فى السابق. وكانت تبلغ الأطراف المعنية باعتذارها عن القيام بتلك الخطوة. وفى حدود علمى فإن ذلك حدث مرتين على الأقل مع رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان. مرة حين زار مصر فى عهد الرئيس السابق (سنة 2000) ومرة ثانية حين جاء إلى القاهرة فى شهر سبتمبر من العام الماضى. أثناء تولى المجلس العسكرى للسلطة. وكان الذهاب إلى غزة مقترحا ضمن جدول زيارة القاهرة. ولكن الرد السلبى وعدم الترحيب من السلطات المصرية أدى إلى إلغائها. وإذ علمت أن رئيس الوزراء التركى سيزور القاهرة يوم 17 نوفمبر القادم. فإننى سألت السفير التركى فى القاهرة ومن أعرف فى مكتب رئيس الوزراء بأنقرة عما إذا كان اقتراح زيارة غزة سيكون ضمن برنامج الزيارة القادمة، فقيل لى إن ذلك لم يتقرر بعد. لا ينسى أن أمير قطر كان قد دعا فى شهر يناير عام 2009 إلى عقد قمة عربية طارئة أثناء الاجتياح الإسرائيلى لقطاع غزة، ولكن دولا عربية أخرى قاومت الدعوة وأجهضتها. ولا ينسى أيضا أنه تعهد بإعمار القرى اللبنانية الجنوبية التى دمرها العدوان الإسرائيلى على لبنان عام 2006. وكانت تلك خطوة شجاعة وفريدة فى بابها. لأنه القائد العربى الوحيد الذى كان له إسهامه الكبير فى ذلك المضمار، ولذلك فإنه حين زار الجنوب فى عام 2010، بعد انتهاء عملية الإعمار، فإنه استقبل هناك من الجماهير استقبالا غير مسبوق لأى ضيف آخر فى تاريخ لبنان. ولا أستطيع أن أنسى ما قاله لى أحد المثقفين اللبنانيين آنذاك، حين أخبرنى بأن دولا عربية أخرى ضخت آنذاك أموالا طائلة فى لبنان، لكنها لم تخصص لإعمار ما دمرته الحرب، وإنما خصصت لشراء ولاءات بعض القوى السياسية.استطرادا ـ وللتاريخ ـ أشير إلى أن أمير قطر قام بزيارة سرية إلى دمشق بعد أشهر قليل من بداية الأحداث التى كان المتظاهرون فيها يطالبون بالإصلاحات الداخلية، وقبل أن ينفجر غضبهم ويطالبون بإسقاط النظام، وقتذاك ـ فى ربيع عام 2011 ـ حاول إقناع الرئيس بشار الأسد بالإقدام على الإصلاحات المطلوبة، متعهدا بأن يقدم إلى سوريا ما تحتاجه من تمويل واستثمارات لإنعاش اقتصادها، ولكن الرئيس السورى لم يتجاوب معه، رغم ما كان بينهما من علاقات شخصية قوية. أعرف أن البعض لهم ملاحظات يحسبونها على قطر. وهى ملاحظات تستوى فيها مع غيرها من دول منطقة الخليج المسكوت على ما يجرى فيها. لكننى أعرف أيضا أنه من الإنصاف أن نقول للمحسن أحسنت، ومن المروءة أن تسلط الأضواء على كل فعل شجاع وشريف يصدر من أى مسئول عربى، اتفقنا معه أم اختلفنا. وما فعله أمير قطر فى غزة ينطبق عليه ما قلت، وليته يكون بداية لربيع آخر بين الحكام العرب يلحق بربيع المحكومين. أدرى أن ذلك حلم بعيد المنال. لكننى أفهم أن حق الحلم لا يزال مكفولا، وقد فشلت حتى الآن كل محاولات حظره.   نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انكسر حصار غزة انكسر حصار غزة



GMT 19:34 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 19:31 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 19:28 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 19:19 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 19:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 04:55 2018 الثلاثاء ,07 آب / أغسطس

" Chablé" يمثل أجمل المنتجعات لجذب السياح

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 20:53 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

شجار بالأسلحة البيضاء ينتهي بجريمة قتل بشعة في مدينة فاس

GMT 22:28 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

ولي عهد بريطانيا يقدم خطة لإنقاذ كوكب الأرض

GMT 05:06 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

"Hublot" الخزفية تتصدر عالم الساعات بلونها المثير

GMT 09:11 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

فتاة منتقبة بطلة فيلم "ما تعلاش عن الحاجب"

GMT 07:11 2018 السبت ,25 آب / أغسطس

فولكس" بولو جي تي آي" تتفوق على "Mk1 Golf GTI"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib