زوبعة فى فنجان

زوبعة فى فنجان

المغرب اليوم -

زوبعة فى فنجان

فهمي هويدي

شهدت مصر فى الأسبوع الماضى أكثر أفلام الموسم السياسية إثارة، حين خرجت علينا الصحف بخبر تعيين النائب العام سفيرا لدى الفاتيكان، وقد حدث ذلك بعد 24 ساعة من تبرئة جميع المتهمين فى موقعة الجمل، الأمر الذى أثار شكوكا حول دور النيابة فى طمس أدلة الاتهام. ثم حين أعلن النائب العام عن رفضه للقرار وتضامن مجلس القضاء الأعلى معه، وصرح بأنه تعرّض للتهديد من جانب وزير العدل ورئيس الجمعية التأسيسية للدستور الأمر الذى أثار زوبعة فى أوساط القانونيين والسياسيين. وصور الأمر بحسبانه مواجهة بين الرئاسة ومستشاريها من ناحية وبين النائب العام ومجلس القضاء الأعلى ونادى القضاة من ناحية ثانية. وهى المواجهة التى احتفت بها وأججتها وسائل الإعلام المتربصة التى صورت المشهد بحسبانه ظلما وافتراء من جانب الطرف الأول وتحديا وبطولة من الطرف الثانى. ليس سرا أنه منذ قامت الثورة فإن تساؤلات كثيرة أثيرت حول مصير النائب العام باعتباره أحد أركان النظام السابق، وكان له دوره فى تحريك بعض القضايا واستبعاد أو دفن قضايا أخرى، من ثم كان مفهوما من الناحية السياسية أن يبعد من منصبه بعد تبرئة جميع المتهمين فى موقعة الجمل التى قتل فيها نحو 11 شخصا وأصيب ألفان، الأمر الذى أحدث صدمة لدى الرأى العام، إلا أنه كان خطأ من الناحية القانونية، حيث لا يجيز القانون خروجه من منصبه قبل بلوغ سن التقاعد إلا برضاه. وقد بذل نائب الرئيس ووزير العدل ورئيس اللجنة التأسيسية للدستور، وهم من شيوخ القضاء، جهدهم فى الاتفاق معه حول نقله إلى موقع آخر، وبعد موافقته وصدور قرار النقل تدخلت عوامل لا تزال تفاصيلها مجهولة، دعت النائب العام إلى تغيير موقفه وإعلان رفضه للمنصب الجديد، ثم حديثه إلى الصحفيين عن أنه تعرض للتهديد من جانب وزير العدل ورئيس الهيئة التأسيسية. حاولت تحرِّى الحقيقة فوقعت على وثيقتين تسلطان الضوء على جوانب مهمة من القضية. الأولى كانت خطابا موجها من أعضاء مجلس القضاء الأعلى إلى رئيس الجمهورية يطلب الإبقاء على النائب العام فى منصبه، والثانية بيان اللجنة الثلاثية التى شكلها المستشار الغريانى رئيس لجنة الدستور للنظر فى ادعاء النائب العام أنه قام بتهديده هو والمستشار أحمد مكى وزير العدل، بأنه قد يتعرض للأذى إذا لم يترك منصبه. الخطاب الموجه إلى رئيس الجمهورية كتب بخط اليد وورد فيه ما نصه: بناء على دعوة كريمة من سيادتكم لمجلس القضاء الأعلى، فقد تشرفنا بالحضور إلى مقر رئاسة الجمهورية حيث تقابلنا مع سيادتكم، والسيد المستشار نائب رئيس الجمهورية، وتم تناول ما أثير فى وسائل الإعلام حول السيد المستشار النائب العام. وقد عرض السيد النائب العام الموضوع بكامله، وأرجع ما تناولته وسائل الإعلام بشأن ظروف وملابسات صدور قرار السيد رئيس الجمهورية بتعيينه سفيرا إلى حدوث لبس فى فهم موافقته. وأعرب عن رغبته فى الاستمرار فى منصبه الحالى. ومجلس القضاء الأعلى إذ يرفع هذا الطلب إلى سيادة رئيس الجمهورية، فإن الأمل يحدوه فى الاستجابة إلى رغبة أعضاء المجلس فى تحقيق هذه الرغبة ــ التاريخ 13/10 ــ التوقيع لأعضاء المجلس. وبينهم النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود. وجدت النص صريحا فى إشارته إلى موافقة النائب على النقل، وإن خففت الصيغة ووصفتها بأنها «موافقة ملتبسة». حينما غيَّر النائب العام رأيه وأعلن رفضه للقرار وقال للصحفيين إنه تعرض للتهديد، فإن الصحف أبرزت كلامه الخطير على صدر صفحاتها الأولى، وكان له صداه فى أوساط الجمعية التأسيسية، حتى إن اثنين من أعضائها طالبا باستقالة المستشار الغريانى من رئاستها. وحينذاك أعلن المستشار الغريانى أن هذا الكلام لو صح فإنه لن يبقى فى منصبه، وشكّل لجنة ضمت ثلاثة من أعضاء اللجنة للتحقيق من صحة الإدعاء، وطلب أن يكون بين الثلاثة اثنان ممن طالباه بالاستقالة استنادا إلى ذلك الإدعاء، هما الدكتور محمد محيى عضو لجنة الدفاع والسيد محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية، وبعد لقاء اللجنة مع النائب العام فى مكتبه، أصدرت بيانا قالت فيه إن النائب العام، «أخبرها بأنه بعد مغادرته قصر الرئاسة بعد ظهر السبت الماضى أجرى اتصالين هاتفيين بكل من معالى وزير العدال ومعالى رئيس الجمعية التأسيسية تصفية لما قد يكون فى نفسيهما بسبب انفعاله وقتئذ. ولم يتم التطرق فى هاتين المكالمتين لأى حديث عن موضوع الأزمة أو استرجاع أى من أحداثها فى اليومين السابقين. وفى ضوء ما ذكره لأعضاء اللجنة كل من النائب العام ورئيس الجمعية التأسيسية، انتهت اللجنة إلى كون ما حدث شابه لبس غير مقصود تسبب فيه الاختلاف فى تفسير الباعث والقصد منه. وقد زاده تعقيدا ما تداولته وسائل الإعلام من تصريحات لاحقة من جميع التيارات السياسية». إذا قرأت النص جيدا ستلاحظ أنه لم يشر إلى تهديد وجه إلى النائب العام، ونقلت عنه اعتذاره الضمنى عما بدر منه بحق وزير العدل ورئيس الجمعية التأسيسية، مبررا ذلك بانفعاله فى ذلك الوقت. وباللبس غير المقصود. ولم تشأ اللجنة أن تشير إلى أنه نقل ذلك الاعتذار إليهما بنفسه حينما اتصل بهما هاتفيا.   ألا يعنى ذلك أننا بحاجة إلى قراءة وقائع الفيلم من جديد، كى تحدد مغزى «الموافقة الملتبسة» على النقل التى أبداها النائب العام قبل صدور قرار نقله، كما تحدد مدى صحة الادعاء بتلقيه تهديدا اعتذر عن صدوره عنه بحجة الانفعال تارة واللبس غير المقصود تارة أخرى. ثم ألا يستحق الأمر تفكيرا سواء فى طبيعة الجهات التى دفعت النائب العام إلى تغيير رأيه  والتعبير عن موقفه بتلك اللغة الخشنة والمتحدّية، أو فى الدور الذى قامت به التعبئة الإعلامية فى القضية. نقلاً عن جريدة "الشروق"  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زوبعة فى فنجان زوبعة فى فنجان



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 21:05 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 04:31 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

قلة تناول "أوميغا 3" يؤدي إلى ضعف السلوك الاجتماعي

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الذهب يلامس قمة جديدة والفضة عند أعلى مستوى في 12 عاما

GMT 06:11 2017 السبت ,17 حزيران / يونيو

تعرف على توقعات أحوال الطقس في طنجة السبت

GMT 15:38 2014 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الحلاوة الطحينية

GMT 06:15 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

شركات الأقمشة تطرح تصميماتها الرائعة من حرير "الدمسق"

GMT 18:40 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

عمرو أديب يستضيف إسلام البحيري بعد العفو الرئاسي عنه

GMT 18:34 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فلويد مايويذر يقوم بجولة يزور خلالها 8 مدن إنجليزية

GMT 19:41 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

تسرّب الماء الصالح للشرب في مدينة بركان المغربية

GMT 03:47 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

جيهان السادات تنفي تورط مبارك في اغتيال الرئيس الراحل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib