يحيا العدل

يحيا العدل

المغرب اليوم -

يحيا العدل

فهمي هويدي

اصطحبت السيدة أسرتها للغداء فى أحد مطاعم قلب القاهرة، أثناء الغداء سمعت هرجا فى الشارع وأصوات رصاص ينطلق. ولأنها محامية وناشطة حقوقية فقد كانت تعلم أن بعض من تعرفهم سيشتركون فى مسيرة لوضع الزهور على النصب التذكارى للشهداء فى ميدان التحرير. اندفعت السيدة عزة سليمان خارج المطعم فشاهدت الشرطة وهى تلاحق أشخاصا يركضون ولمحت أحدهم يسقط على الأرض.

لم تميز ما إذا كان شابا أم فتاة ــ اتصلت هاتفيا بإحدى صديقاتها، التى أبلغتها بأن المصاب فتاة، ولأن العدد كان محدودا فإن الاشتباك لم يستغرق وقتا طويلا. لكن السيدة قرت أن تؤدى واجبها من خلال التضامن مع المتظاهرين، وأن تروى تفاصيل المشهد كما رأته بعينيها، وهو ما حدث، حين سارعت السيدة بالذهاب إلى مشرحة زينهم لمتابعة ما جرى للشابة التى عرفت أنا اسمها شيماء الصباغ، إذ تطوعت للإدلاء بشهادتها أمام النيابة، ثم سجلت ما قالته على صفحتها الشخصية فى الفيس بوك.

[ محلوظة: فى بيان حول ما جرى أصدرته الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان، وهى منظمة حقوقية انتقل ممثلوها إلى موقع الحدث، ذكر أن زميلات وزملاء شيماء الصباغ الذين كانوا حولها، بينهم طبيب بشرى، حاولوا إسعافها، إلا أن قوات الشرطة ألقت القبض عليهم، مما عجل بوفاتها]

أمام المشرحة وفى أجواء الصراخ، والعويل التقى الجميع، زملاء شيماء والمحامون. وعلى صفحتها ذكرت عزة سليمان أن الأستاذ أحمد راغب المحامى وممثل الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان سألها عما إذا كانت راغبة فى الإدلاء بشهادتها. فكان ردها أنها جاءت لأجل ذلك، من هناك اتجهوا إلى مقر نيابة حى عابدين. وأبلغوا رئيس النيابة بأنهم يريدون الإدلاء بشهاداتهم بشأن ما جرى. ناقشهم رئيس النيابة ثم طلب منهم الانتظار لبعض الوقت. انتظروا أكثر من خمس ساعات قبل أن يستقبلهم الرجل. وخلال تلك الساعات كان مقر النيابة قد توافد عليه كثيرون من ضباط الشرطة ورجال المباحث. فى بداية اللقاء فوجئوا برئيس النيابة يطلب منهم تقديم طلب للإدلاء بشهاداتهم، رغم أنه على علم بأنهم جاءوا قبل أكثر من خمس ساعات لهذا الغرض. انصاعوا لما أراد وحرروا محضرا سجلوا فيه رغبتهم وجهوا فيه الاتهام إلى وزير الداخلية ومأمور قسم قصر النيل والضباط المسئولين عن المجموعة التى اشتبكت مع المتظاهرين. بالمسئولية عن قتل شيماء.

بعد أن قدموا المحضر وقبل فتح التحقيق للاستماع إلى شهاداتهم فوجئوا بأن النائب العام أصدر بيانا ذكر فيه أن تحقيقات النيابة كشفت عن تصدى قوات الشرطة لمظاهرة أعضاء حزب التحالف الاشتراكى لمنعهم من الوصول إلى ميدان التحرير. وإزاء عدم استجابتهم وتعديهم على القوات، قامت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع. وقبضت على ستة منهم لتعديهم على القوات بإطلاق الشماريخ والألعاب النارية.

حمل بيان النائب العام الذى تحدث عن نتائج تحقيقات لم تبدأ إشارة غير مطمئنة لهم. مع ذلك دخلت عزة سليمان إلى مكتب رئيس النيابة ومعها الأستاذ أحمد راغب، وفى إجابتها على أسئلته التى لخصتها على صفحتها الخاصة ذكرت ما يلى:

1ــ إنها كانت موجودة فى المكان بالمصادفة البحتة (روت قصة تناولها الغداء مع أسرتها).

2 ــ إن المسيرة كانت سلمية تماما، وأن المشاركين فيها كان عددهم فى حدود 30 شخصا، وانهم لم يحملوا معهم سوى بعض أطواق الورود ولافتة كتب عليها اسم الحزب.

3 ــ رجال الشرطة عددهم كان كبيرا جدا، لا يتناسب مع العدد المتواضع للمشاركين فى المسيرة.

4 ــ الشرطة ضمت أشخاصا ملثمين، وكان شكلهم باعثا على الخوف والقلق، حيث كان ينم عن التهيؤ للغدر بالمسيرة.

5 ــ كل ما فعله المتظاهرون أنهم شرعوا فى ترديد هتاف الثورة المبكر (عيش ــ حرية ــ عدالة اجتماعية). وما ان فعلوا ذلك حتى انهالت عليهم الأعيرة النارية (الخرطوش) وقنابل الغاز المسيل للدموع.

6 ــ لم يكتف رجال الشرطة بذلك ولكنهم هجموا على المسيرة التى تفرق المشاركون فيها، وراحت تجرى وراءهم فى شارع طلعت حرب.

7 ــ الشرطة هى التى تسببت فى قتل شيماء وهو ما أكدته كل الدلائل وأجمع عليه شهود العيان.

[محلوظة، ذكرت جريدة «الشروق» (عدد 27/1) أن النيابة استدعت مأمور قسم شرطة قصر النيل الذى كان على رأس القوة التى اعترضت طريق المسيرة. ومما قاله أنه طلب من المشاركين فيها عدم دخول ميدان التحرير والابتعاد عن المنطقة، وحذرتهم من الاقتراب. وهو ما قوبل بإلقاء الحجارة وإشعال الشماريخ من جانب المتظاهرين باتجاه قوات الأمن. الأمر الذى اضطر الشرطة إلى إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع للسيطرة على الموقف]

بعدما أدلت المحامية عزة سليمان بشهادتها، استمعت النيابة إلى أربعة آخرين من الذين تطوعوا للإدلاء بأقوالهم وتسجيل شهاداتهم باعتبارهم كانوا موجودين على مسرح الحدث وقت وقوعه. وبعد أن أدوا مهمتهم كانت تنتظرهم مفاجأة لم تكن فى الحسبان. ذلك أن النيابة قررت تحويلهم إلى متهمين. ونسبت إليهم المشاركة فى التجمهر والتظاهر والتعدى على قوات الشرطة واستعراض القوة. وذلك فى المحضر رقم 805 لسنة 2015 جنح قصر النيل. وترفقت بهم النيابة حين أمرت بإخلاء سبيلهم بالضمان الشخصى من سرايا النيابة فى الساعات الأولى من صباح يوم الأحد 25 يناير 2015 لحين تحديد موعد النظر فى قضيتهم ــ يحيا العدل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يحيا العدل يحيا العدل



GMT 18:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 18:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 18:09 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 18:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 18:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 17:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 17:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:18 1970 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
المغرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib