من فوازير رمضان

من فوازير رمضان

المغرب اليوم -

من فوازير رمضان

فهمي هويدي


هذه إحدى فوازير رمضان التى تحتفظ الأجهزة الأمنية بسرها وترفض الإفصاح عنه. ذلك أن المواطن المصرى والناشط الحقوقى خالد السيد ذهب إلى مطار القاهرة صباح يوم الخميس ٩/٧ قاصدا السفر لزيارة زوجته التى تعمل فى قطر. وهو ينهى إجراءات سفره فى الساعة السادسة صباحا أبلغ بأنه مطلوب للضبط الإحضار بمجرد وصوله. فى الساعة السابعة أبلغه أحد مسئولى أمن المطار بأنهم لا علاقة لهم بموضوع احتجازه وانه مطلوب لجهة أمنية أخرى. فى الساعة الحادية عشرة أخبره ضابط الأمن الوطنى بالمطار بأنه مطلوب للمثول أمام النيابة العامة على ذمة القضية ١٢٩٢ لسنة ٢٠١٤ جنح الأزبكية. التى تمت تبرئة جميع المتهمين فيها فى الاستئناف. وكان قد تم استبعاده مع آخرين من القضية قبل إبلاغ سبيلهم فى شهر مارس عام ٢٠١٤. فى الساعة الثانية عشرة ظهرا تولى بعض الضباط تفتيش حقائبه بشكل متكرر دون أن يعرف عماذا يبحثون، فى الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل أبلغ بأنه سيتم ترحيله من المطار إلى قسم الأزبكية تمهيدا لاتخاذ إجراءات اطلاق سراحه. فى الساعة الثالثة و٣٥ دقيقة رفض قسم الأزبكية بقاءه فيه نظرا لعدم وجود أية إدانة قانونية بحقه، لذلك أخرجوه من القسم إلى السيارة التى حملته. لكنها بعد ان تحركت أعيدت مرة أخرى إلى قسم الأزبكية بأوامر من الأمن الوطنى، إلا أن القسم رفض مجددا استقباله لذات السبب، من هناك صدرت التعليمات بنقله إلى مقر مبنى الأمن الوطنى بمنطقة التجمع فى أطراف القاهرة. هناك تكرر مشهد قسم الأزبكية، حيث رفض المسئولون عن المقر استقباله، ومن ثم اعيد مرة أخرى إلى مطار القاهرة، وهناك انهيت إجراءات اطلاق سراحه. وأبلغ أنه يستطيع السفر إلى حيث يريد بعد ذلك.

هذه التفاصيل رواها خالد السيد على صفحته فى الفيس بوك، وبعد ان عرضها كتب قائلا إنه بالإضافة إلى الإهانة الشخصية التى تعرض لها، فإنه لم يكن هناك اذن من النيابة العامة لاحتجازه، كما لم يكن هناك أى حكم قضائى بحقه. ثم انه لم يتعرض لأى تحقيقات سواء من قبل النيابة العامة أو الأمن الوطنى أو أية جهة أخرى. كما انه ظل طوال ٣١ ساعة لا يعرف سببا لاحتجازه ولا يستطيع التواصل مع المحامين أو الأسرة. وأنه لم يجد تفسيرا لما جرى معه فقد استنتج أن الأجهزة الأمية لجأت إلى تلك الحيل لمنعه من السفر فى نهاية المطاف من باب التضييق والتنكيل والتلويح بالعين الحمراء.

لن أستغرب إذا استخف نفر من الناس بالقصة. قائلين ان ما جرى لصاحبنا مجرد مداعبات من باب الهزار الثقيل الذى لم يتجاوز قرصة الأذن. ولن اختلف مع من يعبر عن حسده للرجل لأنه خرج سليما فى نهاية المطاف، يمشى على قدميه ومحتفظا برأسه فوق كتفيه. ثم انه انقطع عن العالم الخارجى لمدة ٣١ ساعة فقط، فى حين أن غيره اختفى ولم يظهر له أثر إلا بعد عدة أسابيع. ويقينا فإنه أسعد حظا ممن تعرف أهلوهم على جثثهم فى المشرحة. كما اننى لن أعاتب أو أعارض من يرى ان الإعلام يثير الضجيج لأن بعض الآحاد يتعرضون لمثل تلك الانتهاكات لأنهم ينتمون إلى تيارات سياسية بذاتها أو لأن لهم علاقاتهم فى الوسط الإعلامى، فى حين أن هناك مئات بل آلاف آخرين يعانون من القهر والعذاب منذ أشهر طويلة ولا يأت أحد على ذكرهم، ويطالب البعض بدفنهم وراء الشمس إلى الأبد.

ذلك كله أفهمه وأقدره، وأسلم بأن خالد السيد أفضل حظا من غيره. لكننى من ناحية لا أريد أن نحصر خياراتنا بين ما هو سىء وما هو أسوأ وأتعس، حتى لا نضطر للانحياز إلى السيئ ونستسلم له. ومن ثم نوفر له القبول والرضا. ذلك اننا لا ينبغى أن ننسى ان نحتكم إلى الأفضل والأرشد. الذى يحتمى بالقانون وقيم حقوق الإنسان. من ناحية ثانية فإن ما جرى لخالد السيد له دلالة أخرى ينبغى أن تستوقفنا لأنها جسدت حالة الارتباك داخل المؤسسة الأمنية. إذ ليس من المألوف أن يرسل جهاز أمن الدولة واحدا إلى قسم للشرطة فيرفض استقباله لأنه لا يوجد سند قانونى لاحتجازه. ثم يوجه الشخص ذاته إلى مقر الأمن الوطنى فيرفض استقباله لذت السبب، ويعاد بعد ذلك إلى الجهة الأصلية التى احتجزته لكى تتولى من جانبها إطلاق سراحه، وإذا لاحظت فى شهادة صاحبنا التى أوردتها ان ضابط الأمن فى المطار أبلغه بأنهم لا علاقة لهم بموضوعه وانه مطلوب لجهة أمنية أخرى.
فذلك يعنى ان هناك أكثر من جهة تدخلت فى القضية. وهذه المساحة الغامضة فى الفزورة التى يمكن ان تصوغها فى السؤال: حزر فزر من أصدر أمر الاحتجاز ومن رفض التنفيذ ومن قرر اطلاق سراح الرجل والإذن له بالسفر؟ ثم من يملك سلطة احتجاز شخص دون اذن من النيابة ودون ان يصدر بحقه حكم قضائى؟ وطالما ان ذلك يتم خارج القانون وبالمخالفة له، فهل يمكن ان يخضع للمساءلة والحساب من ارتكب المخالفة أم أن تلك تصرفات مغفورة ويمكن التسامح معها؟ وهل صحيح أن قرارات المنع والسفر تصدرها جهات عدة، وكل واحدة منها لها قوائمها وتقديراتها الخاصة، وبعض تلك الجهات تعمل فى الضوء والبعض الآخر مجهول يقبع فى الظل؟

إذا ظل الأمر مسكوتا عليه وبقيت مثل تلك الأسئلة محاطة بالغموض فإننى أخشى أن نكتشف أنه أكبر من فزورة، وأنه إلى الفضيحة أقرب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من فوازير رمضان من فوازير رمضان



GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة

GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
المغرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 18:33 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

نقاش فلاحي يجمع المغرب وإسبانيا

GMT 06:29 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

منفذة هجوم كاليفورنيا تعلمت في مدرسة دينية باكستانية

GMT 21:33 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة السوداء خيار كلاسيكي للرجل الأنيق

GMT 00:08 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

تعرفي على حيل لزيادة مساحة "الغرف الضيقة"

GMT 08:16 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز المعالم السياحية في مدينة صوفيا البلغارية

GMT 09:01 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على Sorento الجديدة كليا من كيا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib