«الباشا» الذى فى المطار
أكرم الروماني مدرب مؤقت لفريق المغرب الفاسي كمدرب مؤقت خلفاً للمدرب المقال الإيطالي غولييرمو أرينا منع تام لحضور جمهور الرجاء الرياضي إلى الملعب البلدي ببركان وليس التنقل الجماعي فقط إيران تعلن استئناف المباحثات النووية مع القوى الأوروبية في يناير 2025 جيش الاحتلال الإسرائيلي يُعلن مقتـل 3 عسكريين بينهم ضابط في المعارك التي تجري مع فصائل المقاومة الفلسطينية شمال قطاع غزة قصر الإليزيه يُعلن تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة بقيادة فرانسوا بايرو التقرير الإحصائي اليومي لعدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ444 جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال رئيس مُديرية الأمن العام التابع لحركة حماس السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة دونالد ترامب يفضل السماح لتطبيق تيك توك بمواصلة العمل في الولايات المتحدة لفترة قصيرة على الأقل
أخر الأخبار

«الباشا» الذى فى المطار

المغرب اليوم -

«الباشا» الذى فى المطار

فهمي هويدي

يتحدث جورج أورويل فى روايته الشهيرة (١٩٨٤)عن «شرطة الأفكار» التى تراقب سلوك الناس وما يدور بخلدهم وعن المصير البائس الذى ينتظر من يضبط متلبسا بارتكاب «جريمة التفكير» فى دولة الأخ الكبير. وهى التى تخيلها الكاتب فى إنجلترا إذا وقعت فى قبضة النازية التى كانت صاعدة فى أوروبا خلال أربعينيات القرن الماضى. شرطة الأفكار هذه تراقب الناس فى بيوتهم من خلال شاشات معدنية ترصد كل ما يجرى فى داخلها، وفى ضوء ما تنقله من معلومات تتحدد مصائر الأفراد وتصدر التوجيهات والتعليمات. وهى المهمة التى تتولاها «وزارة الحب» المسئولة عن انفاذ القانون والحفاظ على النظام العام فى الرواية، متعاونة فى ذلك مع «وزارة الحقيقة» التى تتولى صياغة الأخبار وبثها.

هذه المشاهد أستحضرها فى مطار القاهرة فى كل ذهاب وعودة. باعتبارى أحد العاملين فى مجال الأفكار. إذ أقف أمام ضابط الجوازات الجالس وراء لوح زجاجى. وحين أعطيه جواز السفر فإنه يمرره فى جهاز ممغنط فى متناول يده، وينقر بأصابعه لوحة أمامه، ثم يلقى نظرة على شاشة الكمبيوتر التى تذكرنى بالشاشة المعدنية فى رواية أورويل، وهذه تستخرج له بعض معلومات وزارة «الحب». يركز الرجل فيما يطالعه ثم يطوى جواز السفر ويطلب منى الانتظار جانبا. وفى الوقت ذاته يشير بيده إلى أحد رجال «شرطة الأفكار» ويعطيه الجواز فى صمت. جندى الأفكار مدرب ويعرف إلى أين يذهب. يستدير وينطلق بخطى سريعة إلى أن يختفى عن الأنظار، ثم يعود ليجلس صامتا فى إحدى زوايا المكان. لا أحد يتكلم أو يفسر. فالشرطى ينفذ التعليمات والضابط الجالس وراء اللوح الزجاجى يواصل عمله حيث ينصرف إلى ختم جوازات بقية الواقفين فى الطابور. ولا يكون أمامى سوى الاستنتاج. فالضابط قرأ على شاشة الكمبيوتر معلومات لم تطمئنه وتوجيهات اقتضت الرجوع إلى «الباشا» مسئول شرطة الأفكار فى المطار. وهذا الأخير هو الذى يصدر القرار النهائى فى ضوء المعلومات أو التوجيهات التى لديه. وهى عادة تتراوح بين التحفظ أو المنع أو استدعاء صاحب جواز السفر لسؤاله عن وجهته وأسباب سفره، أو يكتفى الباشا المسئول بالإطلاع على جواز السفر وتقليب صفحاته للتعرف على التأشيرات المسجلة فيه. ثم يأذن بإعادته إلى صاحبه لمواصلة السفر.

تسلمت الجواز بسرعة فى رحلة الذهاب إلى عمان فى الأسبوع الماضى، غير أن الأمر اختلف فى العودة. ذلك أن ضابط الجوازات ألقى نظرة على شاشة الكمبيوتر ويبدو أنه لأول وهلة لم يجد فيما ظهر أمامه ما يستحق مراجعة ضابط الأفكار فختم الجواز وعبرت الحاجز متجها إلى مكان استلام الحقائب، إلا أننى وجدت شابا يهرول مرددا اسمى وفى يده بطاقة الدخول التى ملأتها. سألته من يكون وماذا يريد، فقال لى إنه أمين شرطة، ويريد منى أن أعيد له جواز السفر وأن أصحبه لأنتظر وراء الحاجز الذى عبرته للتو. فهمت الرسالة فامتثلت وعدت لكى انتظر إلى جوار الحاجز رافضا الاصطفاف وراءه، وهو ما أقلقه فجاء إلى أحد الضباط الذى أفهمنى أن وقوفى فى مكانى سوف يعرضه للمساءلة. استغربت ما قاله، وكبَرت دماغى وقلت اننى لا أريد أن أسبب له أذى. فعبرت الحاجز وانتحيت جانبا. جاء وقوفى مقابل طابور الخارجين. وهو ما أثار دهشة وتساؤل من عرفنى وفضول من لم يعرفنى. ظللت معروضا أمام الجميع لبعض الوقت، ومشيعا بنظرات العابرين إلى أن عاد جواز السفر من مكتب «الباشا» وسلمه إلى الضابط الذى جنَبته المساءلة وهو يتمتم قائلا: حمدالله على السلامة. لم أتلق تفسيرا أو ايضاحا، ولا توقعت اعتذارا. لكنى لم أفهم لماذا الاحتجاز ولا لماذا الإطلاق. وإنما ترك لى أن استنتج الرسالة، التى لم أجدها بعيدة عن ممارسات وزارة الحب وأساليب شرطة الأفكار.

أدرى أن أبرياء آخرين لقوا مصيرا أسوأ من الإيقاف. وأفهم أن آخرين من النشطاء يتعرضون فى المطار لمثل ما تعرضت له ومنهم من منع من السفر لأسباب مجهولة بناء على تعليمات جهات غامضة لكن ذلك لا يبرر ما جرى. لأن وقوعه والسكوت عليه يضم مصر بالتدريج إلى بلاد الخوف والترويع التى يبدو عالم أورويل النافر من النازية نموذجا لها. ناهيك عن أنه يعد تكذيبا عمليا لما أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى نيويورك أخيرا من أن فى مصر «حريات غير مسبوقة» علما بأننا ما عدنا نطمح إلى ذلك، وإنما صرنا قانعين بالقدر المتواضع من الحريات العادية التى كنا نمارسها فى «العهد البائد»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الباشا» الذى فى المطار «الباشا» الذى فى المطار



GMT 10:34 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:32 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 10:31 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:29 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 10:27 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:25 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المثقف وزرقاء اليمامة وكناري المنجم

GMT 10:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تطابق من سبايك لى إلى هانى أبو أسعد!!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 08:46 2014 الثلاثاء ,10 حزيران / يونيو

افتتاح مطعم للفلافل في شارع محمد السادس في مراكش

GMT 08:59 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

12 مغربيًا في وضعية صعبة محتجزون لدى عصابة ليبية

GMT 10:29 2015 الأربعاء ,06 أيار / مايو

الضّعف الجنسي عند الرّجل سببه المرأة

GMT 19:17 2017 السبت ,10 حزيران / يونيو

زكرياء حدراف يصرّ على مغادرة الدفاع الجديدي

GMT 10:25 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

عمر هو عمر

GMT 16:22 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

حكاية غريبة لـ"رحى" تساعد النساء على إيجاد العرسان بسرعة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib