1- هل قرأت؟ مريم ملاك قالت: «الموت عندى أهون من ضياع حقى».
2- من هى؟
لعل بعض مدمنى التليفزيون أو المحبين لصفحة سميت على دموعها، يعرفون أن مريم ملاك طالبة متفوقة، ومن أسرة تعيش فى الصعيد ما زالت ترى فى التعليم/ والتفوق فيه/ طريقًا للحياة.
ومريم فوجئت بأنها فى الثانوية العامة حصلت على صفر.
3- تذكر معى:
حدث هذا فى سنة لم يتوقف الكلام فيها عن تسريب الامتحانات.. بل إن النتيجة أظهرت أن لجنة واحدة فى المنوفية حصل أغلب طلابها على مجموع واحد هو 95.5٪.. ولم تهتز شعرة واحدة من كهنة البيروقراطية القاطنين فى كهوف وزارة التربية والتعليم.
4- معلومة للتاريخ:
إسرائيل بعد هزيمة يونيو 1967 أذاعت فى إذاعتها الموجهة باللغة العربية امتحانات الثانوية العامة المصرية، لتصل رسالة إلى دولة عبد الناصر بأنها قادرة على الوصول إلى ملفاتها ذات الحساسية الفائقة. وكانت هذه الامتحانات أحد مفاصل علاقة الدولة بالمجتمع فعلًا.. فهى ممر الصعود إلى الجامعة/ الطريق الأساسى للصعود الاجتماعى/ والحصول على فرصة/ أو مكان فى جيش موظفى الدولة/ جسدها البيروقراطى الفحل الذى يحملها على كتفه.
5- المفارقة:
إن هذا الجيش من الموظفين الذى يعتبر أداة الدولة الجبارة لفرض سلطويتها ترهّل ووصل إلى مرحلة يأكل فيها نفسه، بل إن ممر الثانوية العامة لم يعد سوى ممر تحكمه عصابات الكنترول والغش الجماعى وتسريب الامتحانات.
6- وماذا فعل الوزير؟
اعتبر مريم «فاشلة…» وحكم عليها وارتدى قناع المفتش كولومبو وأكد «خط مريم فى اختبار الطب الشرعى هو خطها فى ورقة الصفر…».
7- لماذا فعل ذلك؟
لأن محب الرافعى يرى مهمته فى تغطية الغرغرينة بشريط لاصق/ ولأنه يدافع عن كهنوت بيروقراطيته/ ولأنه ابن مدرسة المواطن دائما على خطأ/ ولأننا أصبحنا فى لحظة يخرج فيها «لا وعى» كهنة البيروقراطية فيقول وزير عدل «لا يصلح ابن الزبال فى القضاء» ويقول محافظ الدقهلية:
«لا أعمل لدى الموطن…» إلى آخر هذه التصريحات الكاشفة.
8- مريم قالت أيضًا:
ضياع حقى معناه تحول مصر من وطن يحتضن أبناءه إلى وحش يفترسهم وينهش فى لحمهم.
صحيح أن وقوع الخطأ وارد، والظلم أيضًا وارد، ولكن لكل ظلم حدود، والظلم الذى تعرضت له عن طريق الكنترول ثم من خلال تصريحات الوزير نفسه، لا يمكن أن يتكرر من خلال خبير الخطوط أو النيابة، لأن حدوث ذلك معناه أن مصر قد تحولت فعليا إلى غابة لا وطن.. (من تصريحاتها لصفحة «دموع مريم»).
9- والحل أمام مريم:
أصحاب الواقعية المنحطة اقترحوا عليها اللجوء إلى الكنيسة، أما الوعى البسيط فقادها إلى توجيه رسالة إلى الرئيس السيسى، فهو القادر على كسر عنجهية البيروقراطية.
10- الذى أدخل مريم التجربة:
هو اعتزازها بمجهودها/ شطارتها/ اعتزازًا يريد الكاهن البيروقراطى فى صورة الوزير أن يكسره/ ويكسر معه قيمة العلم/ والاجتهاد/ التى تختصر بالنسبة لهم فى درجات وشهادات/ لكنها أكبر من ذلك بكثير.
11- وماذا؟
مريم أدخلت التجربة إلى مجتمع يتسلى بالفرجة: ماذا تفعل إذا أهدرت فرصتك؟ كيف تتحدى منظومة كاملة يعشش فيها الفساد وتحكمها عصابات تبتسم بكل واقعية منحطة؟ مريم تواجه وحشًا يأكل نفسه.. وهذا لا يستدعى الفرجة أو انتظار المعجزات العاطفية فقط.