تبوّل على قبره
أخر الأخبار

تبوّل على قبره

المغرب اليوم -

تبوّل على قبره

وائل عبد الفتاح


. فأنت الذى تربيت على كوكتيل معتق من الفاشية والانحطاط والعنصرية الكامنة تحت الجلد والفخر بالجهل وغلظة المغلوب على أمره.. أنت المنفوخ بخرافات التعالى باسم الدين أو الوطن، وتحشوك العائلة والدولة بنفايات الهوية السائدة على العالمين.. نعم، أنت ابن النفايات المخلص.. لكل عار فى البشرية.

نعم أنت.. ستتبول على قبر شحاتة هارون.. وتشعر بالسعادة.. والانتصار.. وستملؤك نشوة تخرج من تلك المنطقة المعتمة فى النفس.. نشوة الاعتداء.. إنها متعة المغلوب على أمره عندما يجد ما يعتدى عليه.. متعة الشخص المهدرة إنسانيته ويتلذذ بربرية القطعان المهزومة.

نعم يا أستاذ شحاتة، تبولوا على قبرك.. على كل محاولاتك أن تكون إنسانا.. هكذا حكت ابنتك ماجدة على حسابها فى الفيسبوك .. وقرأنا حكايتها.. وحاولنا أن ننساها.

ذهبت صباح أمس إلى مقابر اليهود بالبساتين مع زوجى المسيحى وابنتى المسلمة وصديقة مسيحية وصديقة مسلمة، صديقاتى وصديقات نادية أختى. أمس كانت سنة قد مرت على فراق نادية لهذه الدنيا، وبعد أن غسلت قبرها وقبر والدى كما هى العادة عندنا، ووضعنا الزلط على القبرين كما هى العادة، وقام كل من الحاضرين بالصلاة التى تعودنا أن نتلوها على قبر عزيز، ابتعدنا عن القبور متجهين الى السيارات، وكان بعض سكان المنطقة ينظرون إلينا كأننا من كوكب آخر، قام بعض منهم، وكانوا لا تتعدى سنهم الخامسة عشرة، بالسبّ: ترب اليهود ولاد الوسخة. وعادوها مرة واتنين وتلات مرات، وأنا متمالكة أعصابى إلى أن رأيتهم يجرون إلى مقبرة نادية وبابا ويتبولون عليها. حاولت الجرى وراهم، والله لو قدرت أمسكهم ما اعرفش كنت عملت فيهم إيه، يمكن كنت قتلتهم. عرفت بعد ذلك إنّ لما ولادها راحوا يزوروا قبر نادية كان عليه زجاج مهشم والزلط كان مرمى على الأرض. مش عارفة هل الحزن اللى مالى قلبى لفراق أختى وتوأم روحى أكبر ولا حزنى على ما حدث أمامى أكبر. تربة شحاتة هارون وتربة نادية شحاتة هارون وترب يهود مصر الذين دُفنوا فى هذه المقابر منذ سنة ٤٠٠ هجريا إلى يومنا هذا تدنس عمدا بهذه الطريقة وأمام من تبقى من منهم!!!! شكرًا يا مصر!!! عمار يا مصر!!! دى آخرتها.. .

نعم.. تبولوا على قبر شحاتة هارون.. صاحب كتاب يهودى فى القاهرة .. الذى ظل يهوديا وتمسك بمصريته حتى ضد رغبة حكوماتها وأنظمتها السياسية المختلفة.

ماتت ابنته الأولى (منى) لأنها أصيبت بمرض يحتاج إلى العلاج فى الخارج.. ورفض لأن هذا يعنى أنه لن يعود إلى مصر. ماجدة هى بنته الثانية، وهى رئيسة الطائفة اليهودية الآن.. تزوجت بطبيب كاثوليكى إيطالى الأصل. والثالثة (نادية) تزوجت بمصرى مسلم.

وسمى الأصدقاء بيتهم محطة مصر ، وهو ظل يهوديا.. يعتبر إسرائيل خرافة ضد التاريخ وضد الواقع .. واعتقل لأنه ضد كامب ديفيد.. وفى نعيه كتبت عبارة تلخص فلسفته: لكل إنسان أكثر من هوية.. وأنا إنسان مصرى حين يضطهد المصريون.. أسود حين يضطهد السود.. يهودى حين يضطهد اليهود.. فلسطينى حين يضطهد الفلسطينيون .

يسارى رومانتيكى ظل يدفع ثمن يهوديته، رغم أنه رفض الخروج من مصر، حتى بعد الاضطهاد من سلطات كانت تحارب إسرائيل.

وهو لم يكن خواجة بالمعنى السلبى، أى المغترب، لكنه كان مصريا.. وكان لسانه شعبيا، وهذا ما ورثته ابنته ماجدة.. ميراث يصيب بالأسى.. والغثيان.. فنحن نعيش رهائن الكوكتيل الذى خرج منه المتبولون.. ونشوتهم المرعبة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تبوّل على قبره تبوّل على قبره



GMT 20:18 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 20:14 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 20:08 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ترمب وإحياء مبدأ مونرو ثانية

GMT 20:06 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 20:04 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 20:01 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

GMT 19:59 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

في انتظار ترمب!

GMT 19:54 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة ساركوزي!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 21:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

فالنسيا يقيل مدربه باراخا بعد التراجع للمركز قبل الأخير

GMT 11:01 2019 الأحد ,21 إبريل / نيسان

اكتنز ثواب وفضل ليلة النصف من شهر شعبان

GMT 20:16 2019 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الهدف الأول لليفربول عن طريق ساديو مانيه

GMT 12:05 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

"ديور" تطلق مجموعة جديدة ومميزة من الساعات

GMT 00:12 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

إنتر يواصل ملاحقة الصدارة بثنائية في كومو

GMT 23:47 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

نيكولاس غونزاليس سعيد باللعب في غير مركزه مع يوفنتوس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib