وائل عبد الفتاح
غالبا نحن نشهد على الهواء تخطيطا خفيا من أجهزة عميقة لينحصر اللعب القادم بين سامى عنان وسامح سيف اليزل…
سيخططون/ ولكن ليس بالضرورة ولا بالتجربة أن تنجح الخطة/ لأننا فى مرحلة معقدة تبدو فيها الدولة كيانا ضخما يمتك قوة (السيطرة على كل الأدوات والوسائل)، وفى المقابل لا يضاف من الأشخاص المكلفين بإدارة الماكينة الضخمة للدولة شيئا.. لأنهم أقل كفاءة وأكثر عجزا وميلا للفشل…
هذه المسافة بين تمكن الدولة واستماتتها على كل الأدوات بفعل الجهاز البيروقراطى (الدولتى)، الذى تحركه غريزة البقاء… وهذه الغريزة تمنحه نوعا من الذكاء… يوحى بالقوة.. أو يمارسها بدون عقل أو إمكانات تضمن لها الحياة فى ظل متغيرات جبارة.
وصلنا الآن إلى مرحلة ننتظر فيها نجاح خطة المارشال لإنقاذ مصر، والتى تقوم أولا وأخيرا على تحويل كل الأطراف إلى متفرجين أو كورس متميز قليلا عن الحشود التى تهتف وترقص وتنتظر بشرة خير.. .
وبهذا المنطق تم استدعاء الجنزورى من مرقده/ وهو التكنوقراطى الخبير الذى أراد بخبراته أن يساهم فى إعادة دولة الكل فى واحد.. وقلت من قبل إنه ابن الموديل الواحد/ الذى يمكن أن يتسع قليلا ليعيش فى فترة الانفتاح الاقتصادى/ لكن لأن الانفتاح لم يكن نظاما مكتملا، بل بوابات جديدة تفتح أمام عصابة جديدة ولا بد للسيطرة عليها بفرق الكهان القدامى استمر.
واستدعاء الجنزورى كان يقول باختصار إن هذه دولة تتصور أن البقاء يرتبط بأسرار الكهنة، الذين رغم خبراتهم أو مكاناتهم المعروفة فى مجالاتهم إلا أنهم تروس فى ماكينة دولة تحتضر وتعانى منذ خمسين سنة على الأقل أو منذ آخر خطة خمسية حققت نموا فى عهد عبد الناصر…
وتقول أيضا إن السيسى ينفرد عن غيره من الحكام السابقين (وهو استكمال للسلالة…)… بأنه يريد أن يحكم بالجهاز البيروقراطى (ولهذا استدعت التماسيح من مكامنها فى الظل…) معلنا العداء للسياسة (التى تعنى فيما تعنى عدم احتكار الحقيقة وتداول السلطة والانفتاح على خيارات مفتوحة… إلى آخر ما يمكن أن نراه فى مجتمعات مجالها السياسى لا يتعرض للإغلاق الدائم…)..
ولهذا فمن الطبيعى وفق هذه المفاهيم والعقليات أن يتحدث أصحاب القرار اليوم وكأن الدولة.. هى موديل واحد يعرفونه ويحفظون أسراره فى صناديقهم السوداء…
وهذا يعنى بالنسبة لهم أن الدولة هى الجهاز البيروقراطى.. ولا شىء غيره.. بينما الأجهزة السياسية فهى أصابع الحاكم (.. ولهذا تسمع مع استدعاء آلهة البيروقراطية وكهنة الحكام… نداءات تطالب بتعديل الدستور الذى أتى بالسيسى إلى الحكم، لكى يكون البرمان عونا للرئيس…)… وكل سياسى خائن ما دام لم يحصل على ختم الصلاحية من الحاكم أو الدائرة المقربة منه.
والدولة التى أسسها الضباط الأحرار خوفا من الشعب على السياسيين ما زالت مستمرة رغم أنها فى امتداداتها فشلت وانتهت إلى مصيرها مع مبارك مافيا كاملة الأوصاف فى الجمع بين الاستبداد والفساد..
ما زالت مستمرة فى العقول، ويتخيلون أنها يمكن أن تستمر فى الواقع بنفس احتضارها وانتظارات الناس وآمالهم ثم خيبتهم وصعود نخبة القوارض والحيتان لتلتهم وحدها فرص الحياة السعيدة لسكان هذه البلاد….
.. لماذا فشل الجنزورى؟
ولماذا صعد سامح اليزل؟
ولماذا ظهر سامى عنان فى هذا التوقيت؟
… سنرى..