وائل عبد الفتاح
لا تستغرب إذا سمعت الدكتور سامى عبد العزيز يقول كلامه العنترى: «من يشكك فى عمق قناة السويس الجديدة سنغرقه فيها». حماس زائد. وإجهاد فى العمل لا يوازيه فى الحقيقة إلا من يريد أن يصور لجمهوره أن «القناة الجديدة» مجرد ترعة.. أو «فوتو شوب»، كلاهما يتحرك من نفس الزاوية تقريبا إلغاء العقل واستبدال حشو فارغ به، إما من الأغانى أو اللطم.
وهذه ليست جديدة، إنه صراع متكرر بين الطبلة واللطمة… منذ أن تحولت المشاريع إلى «وثائق شرعية..» وليس مجرد «عمل اقتصادى يقوم على العلم والدراسة والاستفادة..»، ولأن الأمر لم يكن وصل إلى مستوى «حرب الطبلة واللطمة» عندما حفر الملك فاروق «قناة جديدة» سنة ١٩٥١ ونسيت مع الزمن، لكن السد العالى استمر رمزا كبيرا فى معركة عبد الناصر وخصومه، اختفت معه مشاريع أخرى فى طى النسيان، مثل «الوادى الجديد..»، لكن لم يقف أحد ويفكر فى كونها «مشاريع» لكنها «مساند» لتأسيس الحكم تحقق أغراضها، وتنسى كما حدث بعد ذلك مع «شرق التفريعة» و«توشكى..» و«الدلتا الجديدة» على سبيل المثال.
وفى هذا الوضع فإن الطبل المصاحب لهذا المشروع، يواجهه «لطميات» تلعب على نغمة وحيدة «ماتقدرش…».. دون انتظار لفحص القدرة أو الإرادة وأنواع كل منها.
واللطميات بعد قليل، وفى حالة الإنجاز، تضاف إلى رصيد «المشروع» باعتبارها دليلا على «الغشم» و«عدم الفهم».
وكل هذا يحرمنا من أساس كل مشروع: العلم والدراسة والجدوى… كما يمنع من تطوير المشروع أو الاستفادة منه، بل إن هيستيريا صناعة المعجزة، تحرمنا من فرص بديلة فى الخروج من أزمات ومشكلات (ولعل البروباجندا المصاحبة لمشروع عبد العاطى الشهير فى علاج فيروس سى والإيدز… لم تتحول إلى ملهاة فقط… لكنها منعت أبحاثا حقيقية من الاستكمال هربا من المسؤولية عن فضيحة الكفتة..).
ولهذا فإن الطبل قبل اللطم خطر على مشروع «القناة الجديدة»، خصوصا أن إنجازها (وبعيدا عن التوصيفات والاستخدامات الإعلامية والسياسية) يمنح مصداقية، ويضفى روح التفاؤل… وهذه أشياء هشة تحتاج إلى خطوات تالية لتدعيمها، وإلا ستضيع مع طغيان الطبول.
وهنا لا بد من عودة إلى الدكتور سامى سابق الذكر لأنه أستاذ إعلام، عندما يعتبر أن كل سؤال أو نقد، يعتبر تشكيكا… فهو يضرب مهنته والمجال الذى وصل فيه إلى شهرة جعلته يدير حملات البروباجندا الخاصة بمبارك قبل ٢٥ يناير، ويدير كلية الإعلام بعدها، ويستدعى الشرطة العسكرية لطلاب الكلية عندما يعترضون على سياسات الكلية.
الخبير ضرب مهنته، لأنها ليست مهنته، وإنما كارت العبور إلى العالم الخيالى الذى يتصور فيه الخبير الذى مهمته «بناء صورة» للمشروع أنه مصارع يقتل الخصوم ويلقيهم فى القنال.