1 سميناها: مذبحة. ومنذ اللحظة الأولى. بل أسمينا البروفة التى تمت أمام الحرس الجمهورى: مجزرة.
فالبداية لم تكن «رابعة»، ولكن عندما هاجمت مجموعات من أنصار جماعة الإخوان وشركاؤهم فى «خرافة» الدولة الإسلامية.. مقر الحرس الجمهورى بغرض استعادة المرسى من الاحتجاز. العملية كانت بهدف خلق وضع معقد ومربك: دولتان ورئيسان.
وغالبا كان هذا بداية المسار الدموى الذى أدى إلى «رابعة..»، أو بمعنى آخر: كان ميلا للحل «الحاسم» باستخدام الرصاص لوقف سيناريو «الدولتين..». وهذا الميل كانت له خطورته، لأنه تحت قيادة أجهزة أمنية لم تحاسب على جرائمها سواء فى أيام الثورة، أو فى أيام حكم الإخوان.
2
فى «رابعة» وكما كتبت يومها كانوا: «يبكون. ينتظرون. يعيشون فى عالم من الإنكار الكامل.. جموع هائمة تدافع عن خرافتها الكبرى. يعاقبون المجتمع كله على ضياع فرصتهم.
كلهم تورطوا ليدافعوا عن (السلطة) التى ضاعت، سواء من كان فى موقع جماهير الخرافة، أو أعلى منهم فى الثقافة أو التفكير، أو المرتزقة، كلهم تحت أسر «منصة» و«غرفة عمليات» تدير معركة الدفاع عن الموقع الأخير، وبمنطق قاله أحد المتحدثين الإعلاميين وقتها: «.. هيحصل إيه؟ هيقتلوا كام يعنى؟.. لكننا لن نغادر موقعنا..».
وهذه مقدمة ضرورية ما دمت سأكتب عما حدث منذ عامين فى صبيحة ذلك اليوم الذى لا يُنسى. الكلام ليس سهلا، لأن عملية الابتزاز العاطفى من «الضباع» المتناحرة، تعمى القلوب لكى لا ترى المشهد كاملا.
3
يوم المذبحة كان مقالى فى نفس هذا المكان تحت عنوان: «نتألم على (مشاريع قاتلينا)»..
كتبت فيه: مع من تتعاطف؟ أسخف سؤال الآن.
يسأله البعض من قبيل البحث عن سند أخلاقى فى هذا الطوفان الدموى. ويسأله بعض آخر من قبيل الابتزاز. ويسأله قطاع ليس قليلا من قبيل العجز السياسى. فالتعاطف من وجهة النظر هذه ترمومتر المواقف السياسية، بل يكاد يكون الموقف الوحيد المتاح فى حرب لا يطالنا منها غير (طرطشة الدم)...
كل طرف فى هذه الحرب مجرم «يفتقد للكفاءة/ والقدرة» يبحث عن طريق للعودة إلى/ الحكم/ السلطة / أو إلى نفوذه القديم….
والنتيجة كما عشناها بعد خطة «الفض»: مذبحة لا تنسى وفوضى أمنية لم تتم فيها حماية أرواح أخرى «المسيحيين مثلا» ولا منشآت «كنائس ومحاكم» ارتكبها الجناة/ الضحايا.
4
كتبت أيضا وفى نفس المقال:
المرعب هنا أننا ننظر إلى مذبحة كاملة الأوصاف، يقوم بها الأمن ليحمى المجتمع من جيوش كان يربيها أمراء الإرهاب ليقتلنا.
نعم تحاصرنا الكوابيس ونشعر بالألم على «مشاريع قاتلينا».. ولا يمكننا الرقص مع جوقة الدولة الأمنية على الجثث.
لكن التعاطف/ الألم يزداد تعقيدا وغموضا عندما نرى الميليشيات الباقية من جماعات الإرهاب تنشر الرعب وتحرق كل شىء، لأنهم فقدوا السلطة ومعها القدرة على تحويلنا إلى قطيع يسمع ويطيع أمراء الكراهية.الفاشية وحدها هى القادرة على وضعنا فى هذا المأزق.
5
المواقف تبنى من أجل عدم تكرار هذا المشهد/ المذبحة.
وعدم الوقوع مرة أخرى فى موقع المتفرج عن حرب بين «قاتلين» والحياة فترات تحت وقع «طرطشة الدم».
كيف يمكن البناء على «رابعة..» بالمعنى الذى يلتقى فيه الإنسانى والسياسى لا السلطوى ومنافسه؟
هذا ما يحتاج إلى نقاش خارج حرب الضباع.