وائل عبد الفتاح
وما زلنا نفكر ونسأل:
1- لأننا نعرف أن النجاح له عدة مقاييس أو معايير وليس معيارا واحدا، وربما تكون هذه هى المرة الأولى فى العالم، التى تعتبر فيها الصورة «السيلفى» معيارا من هذه المعايير، بل إنها تثير جدلا حول حقيقتها، والاختلاف حول دلالتها، كأن هناك دلالة واحدة، أو كأن من يتصورون «سيلفى» مع السيسى هم «رسل التأييد الشعبى»، وليس منتظريه بالأمل، الذين تقطعت السبل بهم حتى لم يعد لديهم رجاء سوى المنقذ القادم من الجيش، وقطاعات بهذا البؤس فإن هذه الصورة موجهة لها.. لتقول إن «الشباب مع السيسى» وليطمئن الناس رغم أن «السيلفى» نفسها تقول إن المؤتمر كان لصالح هذه القطاعات من الطبقة الوسطى التى انتظرت الحلول مع جمال مبارك، لكنهم اصطدموا مع فشله على مستوى الخبرة (التكنوقراط) ووقوعه فى فخ «تأسيس الملك العائلى» على الطريقة السورية… هل يمكن أن يدعم السيسى مع مجموعة ثم ينقذ مجموعات أخرى؟ هل لدى نظامه هذه القدرات على صنع معجزة؟
2- باختصار: السؤال ليس هل نجح المؤتمر أم لا؟ لكن نجح بأى اتجاه؟ فهناك انتصار لا يمكن إغفاله فى مفاتيح تأسيس أنظمة «متوافقة» مع العالم.. لكنه انتصار يحمل مفارقته، مع القلب الصلب ذى الطبيعة العسكرية/ القائمة على «العالم يعادينا…»، أى أن المؤسسة التى بيدها الحكم الآن، ستتعايش الفترة القادمة مع ما يشبه «الإدارة الدولية للاقتصاد المصرى»، بما يمليه ذلك من فواتير ستدفعها قطاعات اجتماعية واسعة.
وهنا مفارقة ثانية أن هذه التحولات كما المؤتمر الإنقاذى ليست جديدة، لكن هذه المرة يحتمى الرئيس السيسى بما لديه من «شعبية» ليتخلص من التردد باتجاه «اقتصاد حر» الذى ستدفع فيه القطاعات الشعبية فواتير باهظة… فالاقتصاد ترك مساحته للاستثمار… يفكر ويخطط كأننا نبيع «قطع أرض فراغ» أو «نستثمر فى الصحراء» لا نعيد هندسة المجتمع والدولة ونعيد توزيع الثروة لتتحقق عدالة اجتماعية.. هل النجاح هو الوصول إلى دولة بلا أعباء اجتماعية؟ ليس هناك دولة بلا أعباء أصلا فى العالم كله.. لكن الدولة فى تخليها عن الأعباء تذهب إلى ما لم يجرؤ عليه مبارك فى أعتى لحظات تحكم «النيوليبراليين» فى إدارته.
3- كما أنه إزاى «محبة» العالم وتضحيته بالاستثمار فى منطقة حروب.. ماذا سيقدم نظام السيسى (تحت التأسيس) لمصر.. خصوصا مع ظهور دلائل بأن التغيير فى مصر سيخضع للخارج، بينما تقصى العوامل الداخلية إلى حد الإلغاء… «الخارج» هو العنصر الفعال، ولذلك فإن ما لم تعلنه البروباجندا المصاحبة لليقظة، أن الانتظار سيد الموقف، وسيؤثر توزيع الأوزان النسبى بعد «نهاية» الاتفاق بين أمريكا وأوروبا مع إيران (والتقارير الأمريكية التى أبعدت إيران وحزب الله عن قائمة تحديات الإرهاب تشير إلى أن المفاوضات رغم صعوبتها تسير الاتفاق)، وهذا طبعا سيؤثر على أوزان السعودية وتركيا وروسيا، كما سيترتب عليه تعامل مختلف مع صعود الجنرال قاسم سلمانى المقابل/ الموازى/ المفارق بشكل ما مع صعود السيسى (بظروفه المصرية المغايرة والمختلفة عن التركيبة الإيرانية).
سيوضع فى الاعتبار أيضا نتائج الانتخابات الإسرائيلية، باعتبارها عنصرا أزيح قليلا من تأثيره القديم، لكنه ما زال مؤثرا فى ما يتعلق بالوجود الفلسطينى بين «الهدنة» و«الانتفاضة الجديدة» أو بين اتفاقات مع «حماس» أو إعلان دولة فلسطينية، وكيف سيضع ذلك «الإخوان» أو أطرافهم التنظيمية فى مستقبل يرسم بدونهم؟