وائل عبد الفتاح
حزب النور ألعوبة الأجهزة الأمنية.هل هذا اتهام؟إنه إيمان وعقيدة/ سياسية، فالحزب سليل جماعات سلفية تحرم الخروج على الحاكم.وماذا يعنى ذلك فى السياسة؟إنها جماعات ما زالت تتصور الحاكم فى صورة قديمة/ خليفة أو سلطان أو ملك/ وهى كلها صور ترتبط بمفاهيم قديمة.بمعنى أن الدولة فى مرحلة الرق والعبودية كانت كلها ملك يمين الحاكم/ وأن الدولة فى مرحلة الخلافة كان العقد الاجتماعى بينها وبين الشعب على «البيعة»/ وكلها مفاهيم «زمنية» أى متغيرة حسب تطور البشرية فما كانت يراه الفراعنة مثلا فى الحاكم/ الإله لا يمكن أن نعتبره خلاصة عابرة للزمن وصالحة لكل العصور، وهذا لا ينفى احترامنا للحضارة الفرعونية، فالنظام السياسى عابر، أما مفاهيمها وثقافتها وأفكارها فما زالت ملهمة.وبالمثل فإن النظام السياسى أيام دولة الخلافة وما بعدها لا يصلح الآن/ ليس لأن الإسلام انتهى، ولكن لأن هذا النظام السياسى فاسد الآن بمعايير التطور الإنسانى.وكما لم يعد صالحا الآن استخدام الجمل وسيلة مواصلات/ أو أن استخدام السيارة لا يتعارض مع الإيمان بالإسلام.. فإن النظم السياسية لدولة الخلافة صلاحيتها نفدت تماما.فى الوقت نفسه فإن الاختراعات التى هى نتاج العقل الإنسانى وتطوره وسعيه إلى حل مشكلات وجوده فى الكوكب ليست أوعية فارغة، يمكنك أن تستخدمها بدون سياقاتها الفكرية/ فلا يمكن أن تستخدم السيارة بدون الرغبة فى حرية السفر ولا تنقل/ وبدون حرية البحث العلمى أو بدون إيمان بقوانين السرعة وهندستها.بالضبط فإن الإيمان بالديمقراطية يعنى أن من حق الناس/ الشعب تقرير مصيرهم بعيدًا عن سلطة أعلى منهم/ولو كانت سلطة الماضى.لا يمكن الدخول فى مجال الديمقراطية وأنت ترفض أساساتها الفكرية وتتصور أن تحويلها إلى أداة لزوم المكياج العصرى أو التوافق البرانى مع ضرورات الوجود.وهكذا فإن المادة 219 تفضح حزب النور، كما لم تفعل كل ممارساته منذ أن خرج ببركة الأجهزة (وما زالت شهادة محمد يسرى سلامة أول متحدث باسم الحزب كاشفة بقوة عن علاقة الحزب بالأجهزة).مندوب الحزب فى لجنة لخمسين اعتبر أن الخلاف حول «219» حرب بين الإسلام والعلمانية.أى أنه يوافق على كل خلاف إلا على هذه المادة/ ويتصور أن الديمقراطية التى تعنى مرة أخرى اختيارات جماعة بشرية لطريقة حياتها/ لا بد أن يخضع لتعليمات فقهاء عاشوا قبل 14 قرنا فى عصر غير العصر وبأنظمة سياسة وحياة كانت مختلفة تماما.أى أن المطلوب وضع سلطة للفقهاء/ أى الماضى/ ومن يستطيع تفسيره وينتقى منه/ ليكون حاكما للحاضر والمستقبل.. ويسمى مندوب «النور» هذا هو الإسلام.أى أن الإسلام هو الماضى فقط/ بسلطاته/ وظروف عصره/ وأحكام مجتمعاته/ وليس روح عقيدته ومبادئ شريعته.الإسلام بالنسبة إلى المندوب هو الدفاع عن نتاج الفقهاء الذى أعد لسلطة معينة وزمن معين ولمشكلات معينة/ومن هنا فإن ما نسميه اليوم بيدوفيليا «أى عشق الجنس مع الأطفال» يريدنا الشيخ وحزبه وأنصاره أن نتعامل معه على أنه اسئلة فقهية بعد أن وصلت البشرية إلى أنه مرض يجب العلاج منه.هم لا يمانعون من إقرار هذه النفايات على أنها شىء مقدس ويسمون الدفاع عنها حرب على الهوية بما يليق بجماعات الابتزاز والإرهاب.هؤاء هم صناع الدستور الملعون/ المؤسس لدولة الفقهاء/ الذى تفاخر الزعيم الروحى للحزب ياسر برهامى بخدعة تمريره/ الآن بعد أن انكشفت الخدعة يعود الابتزاز من أوسع الأبواب.. متخيلا أن أحدا ستنطلى عليه خدعة الهوية.وإلى متى ستستخدم الأجهزة ألعوبتها؟عموما الشعوب الذكية لا تدفع إلى متاهاتها مرتين.