وائل عبد الفتاح
1- ظهر الرئيس ومعه إصبعه مرة أخرى.
2 - هذه المرة دون أوراق مكتوبة.. أى ارتجالا.. وهذا يعنى أنه حر فى التفكير سيخرج ثقافته الدفينة.
3- قال كل ما يعبر عن ديكتاتور مستبد، مقهور ويشعر بالفزع.
4- قال أيضا كل ما يعبر عن الصورة المستقرة فى وعى الجماعة عن الحاكم.
5- الحاكم، كما يراه المرسى والجماعته التى يمثلها، هو الباطش الذى يملك تدمير معارضيه، لكنه حليم.. يصبر عليهم.
6- فى هذه الصورة يستطيع الحاكم أن يغلق أى صحيفة أو قناة تليفزيونية.
7- يستطيع أيضا أن يضع معارضيه فى السجن.
8- يتحمل مضغوطًا من يقول له: «يجب على رئيس الجمهورية».
9- هذه صورة الحاكم التى خرجت عفوية فى خطاب المرسى عندما انفلتت أعصابه، تعبيرا عن مشاعر حقيقية بالعجز وقلة الحيلة.
10- اللغة التى تهتكت على لسان المرسى تعبر أيضا عن أن الجماعة لا تعلم سوى السمع والطاعة، فالمرسى لم يتعلم اللغة من القرآن ولا العِلم من الجامعة ولا الإنسانية من الحياة.. وبقى عنده ميراث المطيع السامع للتعليمات الذى يستوحش عندما تهان قيادته أو تمس قبيلته / جماعته.. تزداد الشراسة أو الاستعراض بها كلما كان الضعف متمكنا والعجز مستقرا رغم الأساطير عن الجماعة التى لا تقهر.
11- نعم تعانى الجماعة الآن من أسطورتها عن نفسها، وتضغط من أجل استعادة صورتها كوحش نائم فى الحضانات سيلتهم البلد كلها إذا استيقظ.
12- المرسى خرج مهدِّدا الجميع سياسيين وإعلاميين.. بأنه «سيفعلها»، دون أن يحدد ما هذه التى سيفعلها…تهديدا على المشاع… وبأفعال ليست محددة، كأنه يملك قوة لا نراها أو خارج حدود القانون أو فوق العقد بين الحاكم والشعب.
13- لا أعتقد أن المرسى وجماعته لديهم تصور على أن الحكم عقد.. إنهم يرونه تفويضًا مطلقًا دون مسؤولية ولا قواعد ولا التزامات.
14- لا يتصور الرئيس وجماعته أن العنف وأسطورته يمكن ردها، ويمكن أن تخرج جماعات وقوى ترد على العنف دفاعًا عن الذات.
15- من أطلق أوامر أو تعليمات أو تكليفات لأعضاء الجماعة بالوقوف أمام مقر الجماعة / الحاكمة.. فى وجه المتظاهرين، هذا عنف أوَّلى استدعت فيه قيادات مكتب الإرشاد عناصرها وشحَنتْهم فقط، لأنها صدقت أسطورة ميليشياتها.
16- نعم الميليشيات أسطورة، إنها محاولات للإيحاء بوجود الميليشيات، بينما لا يوجد فى الغالب سوى «مؤسسة عضلات» بدائية دورها إرهاب الغاضبين من الجماعة.
17- آلاف المساكين من أعضاء الجماعة شحنتهم القيادات فى أوتوبيسات قادمة من الأرياف، متخيلين أنهم فى «غزوة» دفاع عن الإسلام ضد الكفار.
18- كذبة ضمن منظومة كذب متكاملة، يحاربون فيها بالورقة الأخيرة.. حيث يتصور الريفى القادم فى الأوتوبيسات أنه قادم إلى المدينة كى يحررها ويجعلها سهلة طيِّعة فى يد المرسى.
19- وبالنسبة إلى القيادات المختبئة فى كهوفها فهذه رحلات إحياء مزدوج لأسطورة قوة الجماعة التى لا تقهر، وفى نفس الوقت هى التى تحتكر الإسلام.. وهذا سر هتاف «قادم قادم يا إسلام».
20- ولأن الجماعة تربت على أن السياسة غرض أو كذبة.. فإنهم بالتالى يتصورون صدقًا أن هناك أهدافا خلف الوقوف ضد انقلاب المرسى فى 21 نوفمبر.
21- لم يدركوا أن هناك قوة لن تعود إلى بيوتها إلا بعد استكمال الثورة.
22- لكنهم ليسوا وحدهم.. فالحركة هنا تستدعى شرائح غاضبة وقوى اجتماعية تعانى الآن تحت التمكين وبسبب فشل المرسى.
23- وهذا يعنى ببساطة فى ظل تفكك الدولة وتمزق جهازها الأمنى أن العنف سيكون سيد الموقف.. العنف المنفلت.
24- لم يستوعب المرسى ولا مَن أرسلوه إلى القصر الرسالة، واستمر فى شحن العنف من أجل توحيد صفوف جماعته.. فالخطاب لم يكن موجهًا إلى الشعب المصرى، إنما للجماعة / القبيلة التى تعانى من ويلات العنف المضاد.
25- من الطبيعى هنا أن لا تطرح الجماعة سليلة الفاشية على نفسها أسئلة خاصة عن تحويل مسجد بلال بن رباح فى المقطم إلى سلخانات تعذيب.
26- لكن فى المقابل فإن القوى المدنية أبدت انزعاجها من انفلات العنف الموجه ضد عناصر إخوانية.. وهذا فارق كبير.
27- المجتمع يراجع نفسه، والجماعة تطلق صيحة النفير العام، فالمرسى سيفعلها.. وسيصدر قرارات يدافع بها عن وجوده فى القصر، ويشحن من جديد بطاريات انقلاب نوفمبر الذى أفشلته قوى الثورة الحية.
28- النفير العام دليل جديد على الخسارة، فأنت تستدعى جماعتك للدفاع عن بقاء مندوبك فى القصر.. تستدعى الجماعة ضد المجتمع.
29- أما الثورة فرغم الآلام والأخطاء والإحباط.. فإن دوائرها تتسع على المجتمع، واسمعوا صوت سكان المقطم من الشرفات لتعرفوا الفارق بين الشعور بالثورة والجحافل المهزومة فى «منحدر صعودها».
نقلا ً عن جريدة التحرير