وائل عبد الفتاح
نحن غَرْقَى التسريبات.. ضحايا إذا أردت الدقة.
إنها لحظة تضارُب مصالح ما.. فى شركة الحكم بين الإخوان والعسكر.
التضارب يُظهر ما يدور خلف جدران الشركة الافتراضية التى تحكم مصر وتعيش إحدى حالات «الصراع الداخلى» بعد أن تمادى الطرف الإخوانى وأراد التوغل أبعد مما تمنحه قواعد تقسيم الأنصبة فى الشركة.
مثلا أو على سبيل التخمين فإن حرب الأنصبة بدأت بمؤشرات ربما تكون مثلا (وأقول ربما لأننا نحاول أن نفهم ما يبدو من إشارات..).
أولى الإشارات كانت حين أغرقت قوات الحدود الأنفاق بين رفح وغزة بعد سرقة سيارة عسكرية وكان هذا أول إعلان عن عنف الصدام أو الصراع حول فرض السيطرة لأنه دراميا هناك من حاول أن يقفز فى منطقة ليست له.. أو يلعب فى مساحات لا يعرف قواعد اللعب فيها فبدا لمن يحكم خلف المرسى أنه يمكن لحماس أن تجد منفذا للحركة بعيدا عن الأجهزة القديمة، التى كانت تمنحها هذا المنفذ، بمعنى آخر تخيَّل الإخوان بعد أن وصلوا إلى القصر الرئاسى أن حياة حليفهم فى غزة لم تعد فى يد الأجهزة الفخيمة (المخابرات والجيش)، وأصبح من الطبيعى أن يصل خالد مشعل ويتحرك مباشرة إلى مكتب الإرشاد بعدما كانت كل حركة لحماس من سيناء إلى القاهرة تتم تحت عين وبإذن المخابرات.. الآن وبعد أن تصور الإخوان فى القاهرة، وربما جزء من قيادة حماس فى غزة، أنه يمكن للأجهزة «السيادية» أن تغادر ملاعبها فهذه حسابات ليست دقيقة، كما أنها لا تتعلق فقط بمدى التوافق بين قيادات هذه الأجهزة والجماعة التى تحكم ولكن عبر تكوين هذه الأجهزة ومعنى وجودها.
ثانى مؤشرات، الصدام الداخلى فى شركة الحكم والشعور بالانزعاج من أداء الشريك الإخوانى، كان ما روى عن(بغض النظر عن صدق الرواية أو دقتها أو حدوثها من الأساس) منع خيرت الشاطر من التسرب إلى «مملكة» الاقتصاد العسكرى، وذلك بعدما اشترى شركتين معتمدتين لتوريد السلاح والإنشاءات وسط تحذيرات لم يدرك أنها ستصل إلى حذف الشركتين من سجل التوريدات.
هنا تظهر الأطراف الخفية. خلف الرئاسة تبدو «الجماعة» ورجلها القوى «الشاطر» الذى تقول المؤشرات إنه ميال إلى الأسلوب العنيف، وإظهار القوة فى كل ما يتعلق بأزمات الرئاسة «الإخوانية».
وخلف الجيش تظهر قوى سياسية تقليدية وقطاعات اجتماعية تؤيد تدخل الجيش لإنقاذ مصر من الفوضى، هناك أيضا الراعى الدولى أو الشريك الأساسى فى شركة الحكم التى أوصلت مرسى إلى مقعد الرئاسة، وتدعمه إلى أقصى طاقاتها وتكبح طموحات فردية أو جماعية ليعود الجيش فى موقعه القديم المفضل: مؤسسة سلاح حاكمة.
الأطراف المتعددة خلف «السحابة» بين الرئاسة والجيش.. قد تعنى أنها محاولة لامتصاص الصدمات المتوقَّعة، أو قد تكون إنذارا بـ«مذبحة جنرالات» جديدة أو أنها إعادة ترتيب توزيع مناطق النفوذ فى شركة الحكم. قد تكون كل ذلك معا، وقد تكون قنبلة انفجرت دون سابق تجهيز، لكنها تزامنت مع حديث متواتر عن «انقلاب» يغادر فيه العسكر ثكناتهم من جديد.
.. وفى الحكاية ما يستحق أن نتابعه ونتأمله.
نقلاً عن جريدة "التحرير"