وائل عبد الفتاح
رغم كل الارتباك الظاهر هناك فى الكهف الذى يقيم فيه مكتب الإرشاد.. مَن يسير على مخطط واضح؟
المخطط لا يتعلق بالدولة أو بالمجتمع لكنه يتعلق بالسيطرة أو مخطط استكمال الاحتلال.
كل ما يحدث هو بالونات اختبار أو قنابل دخان لنكتشف بعد قليل أننا «وقعنا فى الفخ» أو أننا لا بد أن نرفع أيادينا إلى أعلى ونستسلم.
يخططون كما لو أنهم فعلا بمنطق الاحتلال الساذج، نعم.. البدائى فعلا، القريب من نفسية العصابات حقيقى.. لكنه مخطط يخرج من رأس شخص غامض ليتم تنفيذه رغم كل شىء.
وهذا ما يبدو فى خلفية قرارات النائب العام عن الضبطية الشعبية أو القانون الخارج من الأدراج عن شركات الحراسة. الموضوع غالبا يخصّ فكرة تلحّ على هذا الشخص الغامض.. تدفعه إلى تكوين «ميليشيات أمنية» تشبه الباسيج أو الحرس الثورى الإيرانى لكنها ليست كذلك. إنها أحلام قديمة لدى كل من ارتبط بتنظيمات الإسلام السياسى أن تنتقل سلطة الأمن إليهم وأن تتحول رغبة فرض الأفكار بالجنازير ثم بالبنادق والقنابل، إلى حقيقة.. وقانون. إنها نفسية الخارج عن القانون عندما يحكم، ويتخيل أنه مكان جلاده أو فى موقع البوليس. الرجل المقيم فى كهفه ويخطط لفرض قبضة الاحتلال يلحّ على منح الإطار القانونى لفكرة « الميليشيا..»، أو لاقتسام سلطة الأمن مع الجهاز الرسمى بمنطق التسرب خطوة.. خطوة.
وقبل عدة أيام طرحت هنا تساؤلات حول فكرة بناء «جهاز أمنى» للإخوان سنفاجأ به يخرج من تحت الأرض ومعه رخصة قانونية.
خيرت الشاطر كان هو الإجابة التى تتحول إلى سؤال حول موضوع « الميليشيات..».
هل انتقلت «مؤسسة العضلات» إلى مستوى أعلى؟ بدايةً خيرت الشاطر هو خلفية افتراضية لصورة مرسى أو لأصابعه التى يهدد بها أو القوة غير الرسمية التى يزدحم بها قصر الرئاسة (ويظهرون على هيئة موظفين أو شخصيات بلا وظيفة يتحكمون فى القصر ويحتلون مفاتيحه يديرونها بمنطق الجماعة المحتلة لمكان غريب عليها)، القوة تمتد خارج القصر للحماية مرة بالهجوم البربرى الغوغائى، ومرة بالهبوط من مدرعات الأمن.. أو الوقوف فى صفوف الأمن المركزى كأدلة قتل لنشطاء ومسؤولى الصفحات الثورية.
لم يظهر خيرت الشاطر علنًا إلا فى تهديدات علنية على لسانه أو مبطنة قالها البعض عن وعده بوجود آلاف المجاهدين فى انتظار إشارة منه للدفاع عن الحكم الإسلامى. يرتبط الشاطر هنا بتعبير «الميليشيات» أو «وحدة الرصد والاستطلاع» كما وصفتها رسالة قيل إنها مهربة من أضابير الجماعة وموقَّعة باسم الشاطر وتتضمن توجيهات وإدارة لاسترتيجية أمنية كاملة. الرسالة تشير إلى وجود فرقة تجمع المعلومات وتحللها وتتدخل بشكل سرى فى الأحداث. وبعيدا عن تفاصيل الرسالة فإنه لا أحد نفاها من الجماعة، وهذا إما للتقليل من شأنها أو لتركها معلقة بين الحقيقة والخيال لتثير الرعب من «كيان سرى» يحمى الجماعة ومندوبها فى القصر.
الشاطر يشبه هذا الكيان، يقيم هنا فى المسافة بين الواقع الذى نراه ولا نعرف وصفه على سبيل الدقة والتحديد، وبين غموض لا ندرى مدى اتساعه حيث تنمو الخرافات والأساطير.
وهنا يبدو -حسب نفس الرواة- أن «مؤسسة العضلات» أصبحت بالكامل تحت سيطرة الشاطر بعد أن أصبح الرجل القوى الوحيد وأبعد منافسه عزت إلى موقع صامت بلا تأثير.
الاستفراد بمؤسسة مهمتها الأمن، هو استكمال لدائرة السيطرة الكاملة: الثروة والسلاح… والسلطة. الشاطر أوكل مؤسسة العضلات، حسب هذه الروايات، إلى أيمن عبد الغنى، زوج ابنته وهو مهندس أشرف لفترات طويلة على قطاعات الطلاب. النقلات فى المؤسسة تمت على أساس تقنى فى المقام الأول، وبدأت عبر جهاز تم تهريبه عبر الحدود مع غزة للاتصالات عن طريق الستالايت (الأقمار الصناعية) كانت مهمة الجهاز تحديث مواقع الإخوان فى أوقات قطع الإنترنت إضافة إلى توفير اتصالات محمية بين قادة الجماعة.
بعد الثورة اتخذ التطوير أكثر من مستوى كما نفهم من الرواة المقربين من الجماعة:
- مستوى اهتم بتطوير الجانب التقنى عبر استيراد عدد كبير من أجهزة الاتصالات عبر الأقمار الصناعية (من أمريكا) إضافة إلى أجهزة اتصالات لا سلكية لتكوين ما يقترب من شبكة اتصالات خاصة محمية بين قادة الجماعة.
- الاستفادة من خبرات «حماس» فى تدريب عناصر على حماية السلطة، وهى فكرة قديمة كما يبدو من علاقة خليل العقيد، حارس خيرت الشاطر المقبوض عليه حاليا بتهمة إحراز سلاح دون ترخيص. الحارس أُلقى عليه القبض عام 2008 عائدا من غزة عبر الأنفاق، ويومها أنكرت الجماعة علاقتها به.
- الحارس وحسب أقواله يعمل فى شركة أمن، والسلاح يخص مديرها وهو ضابط شرطة، وعلى ما يبدو فإن هذه الشركة ستخصص لحراسة الشخصيات المعروفة فى الجماعة، وقد حاولت الحصول على تراخيص بأسلحة أيام وزير الداخلية السابق أحمد جمال الدين، إلا أن الطلب قوبل بالرفض.
هل هذه نواة ميليشيا غير رسمية؟
أم أن هذا كل ما لدى خيرت الشاطر والجماعة، ومن فرط المبالغة يقال إنها ميليشيات؟
وما زالت الأسئلة مطروحة وكاشفة.
نقلاً عن جريدة "التحرير"