وائل عبد الفتاح
(1)
إنهم مرتبكون.. يندفعون إلى قرار الانتخابات رغم أنها لحظة مواجهة عنيفة لشرعيتهم أو علامة على أنهم لا يعيشون هنا.. والآن..
(2)
يتحركون بعقل الفرصة الأخيرة.. ويبدو قرار مكتب الإرشاد بتحويل الانتخابات إلى ورقة فى يد الإخوان.. وليس ممرا للخروج من نفق أدخلوا فيه مصر.. هو مقامرة.. يتصورون أنهم سيربحونها.. وهم بهذا المعنى «مقامر فاشل». لأن من لا يحسب الهزيمة أو الخسارة.. فإنه لا يفهم ماذا تعنى المقامرة.
(3)
ما زال يسيطر عليهم شعور بالرعب والخطر يدفعهم إلى الهروب إلى الأمام..
(4)
شطار الجماعة أو كهنتها يحكمون بمفهوم أن السلطة «مكافأة» أو «غنيمة».. دونها والموت.. ويحشدون جمهورهم بمشاعر «إن غادرنا الحكم.. سنعود إلى السجن..».. وبهذه النفسية أصبحت كل الأمور فى يد خيرت الشاطر المتصرف فى «تمكين» الإخوان مهما كان الثمن.
(5)
ومن البداية فإنهم يحكمون بـ«شرعية» الضحية، وهذا أفقد الإخوان حكمتهم القديمة وفطنة الوجود فى قلب الحياة السياسية وليس على طرفها.
(6)
الجماعة واجهت تغيرات بعد الثورة بمشاعر «استعلاء» عوضت بها أمام جمهورها الغياب عن اللحظات الأولى والمواجهات التى كسرت حاجز الخوف.. الاستعلاء لم يعوض الغياب الأول.. كما أنه صنع فجوة كبيرة تجعل الجماعة وحدها الآن فى مواجهة الجميع.
(7)
الفشل المتوالى لا يدفعهم إلى التفكير.. ولكن إلى الاستسلام لشهوة الاستيلاء على السلطة.. فيخترعون 5000 وظيفة يحشرون بها عناصر إخوانية فى المحافظات.. أو يحاولون التسرب إلى مؤسسات ليس من مصلحة أحد تسييسها.. ويحصلون على بيعة من عناصر فيها.. تفجر الوضع داخل المؤسسات..
(8)
المدهش أنهم ما زالوا يتعاملون بمنطق الأسطورة التى لا تفنى ولا تستحدث من عدم.. فيتخيلون أن تدمير المؤسسات.. سيصب فى صالحهم.. أو أنهم بهذا التسرب المنظم، وكما حدث فى النقبات، سيحتلون الدولة..
(9)
لم يفهموا أن قواعد اللعبة (فى الحكم)، مختلفة عن احتراف الانتخابات فى ظل نظام متعجرف عجوز.. عقلهم ما زال انتخابيا ويتصورون أن هذه هى الشطارة.
(10)
أزمات الحياة ستتوالى (من الوقود إلى القمح.. وصولا إلى عدم القدرة على دفع مرتبات..)، وهنا يدفع الخيال الإخوانى الأمور إلى القبول بالأمر الواقع تحت شعار.. «أنقذوا البلد..»، وهم لا يعرفون أن من سيسمع هذا سيكمل الشعار.. «أنقذوا البلد من الإخوان..».
(11)
وكما يبدو من كل فهلوى يدرك أن وجوده مرتبط بمجال أوسع من مصر، فهم يتصورون أن وجودهم ستحميه القوى الإقليمية التى تريد جمهورية.. «إخوانية..»، أو نسخة جديدة من دولة الفقهاء.
(12)
وليس خافيا هنا انزعاج الملالى فى إيران من فشل الإخوان، لأن هذا تهديد لدولة الفقيه، ورغم خطاب الهمز واللمز بين السنة والشيعة، ورغبة المرسى فى قيادة حلف سنى ضد الشيعة فإن مرشد إيران أرسل إلى المرسى رسالة دعم.. وينصحه بالسير قدما إلى دولة الفقيه.. وعدم الإنصات إلى ترهات المثقفين.. أو بتعبير مصرى.. من يطالب بدولة حديثة..
(13)
الانتهازيون وحدهم.. من يجذبهم «الحرية والعدالة».. مثل أى حزب سلطة فى نظام استبدادى.. وفقد تلك الجاذبية التى تجمع حوله «المحب» و«المؤيد» و«المنتسب» و«المؤمن».. وهى درجات فى الانتماء الإخوانى لا بد أن تضاف إليها قائمة جديدة تبدأ بالانتهازى ولا تنهى عند حدود الفهلوى
نقلاً عن جريدة التحرير.