وائل عبد الفتاح
1- هى حرب بين القديم والجديد.
2- الثورة فتحت باب الأمل لمن يحلم بدولة حديثة، والإخوان والعسكر أرادوا إغلاق الباب بكل ما يملكون من قوة وقدرات على تحمل «التعايش تحت أطلال نظام متهالك».
3- والمطلوب الآن ليس تغيير الأب أو العودة إلى أحضان الأب القديم بحنانه بعد قسوة ورعونة وإجرام الأب الجديد. المطلوب: إنهاء الدولة الأبوية من جذورها.
4- «الشارع» يعمل بشكل يبدو تلقائيا، لكنه يغير المواقع وترتيبات الغرف المغلقة، وهو ما يمثل قوة ضغط (بالعنف والعصيان) تدفع كل الأطراف إلى الحركة.
5- الجيش يتحرك للخروج من خندق «يسقط حكم العسكر»، لكنه يعى أن لا مستقبل لحكم العسكر فى ظل رفض «القوة الحية» لا جمهور الخائفين.. وأيضا فى ظل ظرف عالمى لن يسمح بتقبل نظام عسكرى فى دولة مهمة مثل مصر.
6- ومن قبيل البحث عن ممر نجاة تحاول جماعة الإخوان مد الجسور مع «جبهة الإنقاذ» لتبدأ عملية الانتخابات التى لن تنعقد من دون الجبهة، بمعنى أدق لن تحقق المطلوب منها إلا فى ظل مشاركة فعالة من الجبهة.
7- الانتخابات بالوضع الحالى دورها الوحيد وضع كلمة «نهاية» على الثورة فى الشارع، و«بداية» اكتمال بناء النظام الإخوانى.
8- المجتمع تغير والدولة ما زالت بنيتها تنتمى إلى ديكتاتوريات محلية تحت سيطرة أمريكية.
9- تغير المجتمع لا يعنى أن الثورة استقرت.. أو أن كل الشعب أصبح ثوريا.. لكنها تعنى أن «قوة حية» ما زالت قادرة على التفاعل رغم إحباطها.
10- الإحباط منبعه من عدم تحقق الإنجازات، أو الصدمة فى عدم وصول الثورة إلى السلطة.
11- لكن الثورة ليست إنجاز الوصول إلى السلطة.. ولكن بقاء المجتمع وقواه الحية فى معادلة السلطة.. أى سلطة.. وإنهاء فكرة خطف السلطة للدولة.. وإعادتها المجتمع/ الشارع إلى البقاء فى مقعد المتفرج على استعراضات السلطة.
12- واللعبة الكبيرة للإخوان هى محاولة إيقاظ روح المعارضة المدجنة، الباحثة عن هامش السلطة.
13- واللعبة الكبيرة للعسكر.. أو لما تمثله المؤسسة العسكرية من قوى السلطة القديمة، هى تدهور أحوال العيش إلى حد القبول بأى شىء، إلى لعنة الثورة.. ونشر مزاج نفسى يقبل بفكرة (الاستبداد أو الفوضى).
14- والثورة المصرية خذلت كل محلليها، وما زالت قادرة على إثارة الدهشة بعدم استقرارها داخل نموذج معد سابقا أو علبة من علب الثورات السابقة، إنها تصنع مسارها.. وهذا هو الخطر والرعب والأمل فى حزمة واحدة.
15- ورغم مشاعر الخوف المنتشرة فى الشوارع من الغد، فإن الوعى الذى ولد بعد الثورة بأنه لا يمكن العودة إلى دولة الاستبداد التى تذل شعبها وترمى له فتات التسول لتعيش العصابة، هذا الوعى ما زال حيا.. وفاعلا إلى درجة يتوازن بها مع مشاعر الخوف.
16- المهم أنه كلما استراح أبناء الغرف المغلقة إلى سيطرتهم يكتشفون أن الحركة ما زالت فاعلة، ويحاولون السيطرة عليها بتسميتها: «بلطجة».. «شغبا».. «خروج عن الحاكم»، «عصيان ولى الأمر»، وهى كلها تسميات من التراث البليد للاستبداد، انتهت صلاحيته.
17- وهذا طبعا يضطرهم إلى التورط فى الكذب والجريمة يفضحون أنفسهم، ويقتلون لتستمر سلطويتهم.
18- وهذا يعنى أنه إذا غابت حركة الوعى الجديد فإننا أمام مستبد مهزوم فاشل، ينتصر على الثورة.
19- وهذه هى الكارثة، لأن الثورة وانتصار مبادئها هما الاستقرار الحقيقى، لا المزيف.. الذى يقدم الخضوع والاستسلام للديناصورات البائسة من دعاة دولة التسلط والوصاية (عسكرى.. إخوانى لا فرق كبير) على أنه المستقبل السعيد.
20- الخضوع لهذا الاستبداد الرث.. يبدأ من إيقاظ روح المعارضة المستأنسة لتأكل الروح الشابة للثورة.
21- الثورة لا تهتم بمن فى السلطة.. تهتم بتصميم العلاقة بين السلطة والمجتمع.. بهندسة المجال السياسى ليصبح ديمقراطيا.. بالمعنى الذى يحمى الكرامة والحرية… لا بالمعنى الذى يبرر القتل، لأن القاتل جاء بالصندوق.
نقلاً عن جريدة "التحرير"