وائل عبد الفتاح
1- لسنا فى انتظار الفتوة الكاكى.
2- الانتظار فى حد ذاته شعور بالضعف أو باستمرار العجز، وهو ما يناقض التغير الكبير فى المجتمع.
3- المجتمع يشعر بالقوة.. لكن كل الأطراف السلطوية تريد العودة إلى مربع الرعب واليأس.
4- يشترك فى هذا الجيش والإخوان.. آخر ديناصورات السلطوية المنقرضة.
5- كل ديناصور منهما (الجيش والإخوان) لا يريد العودة إلى الحجم الطبيعى، الجيش مؤسسة حماية لا حكم.. والإخوان مجموعة دعاة لا يفهمون إلا فى تجارة الدين ويثبتون فشلهم، حيث يتكشف كل يوم أنها تجارة ممنوعة.
6- ما يحدث بين الرئاسة -ومن خلفها الجماعة- والجيش -ومن خلفه قوى اجتماعية ما زالت تنتظر الأب الكاكى ليحميها من سارق الأبوة، الرخوانى- ليس إلا استعراضا للقوة، لإعادة ترتيب وضع كل منهما فى «شركة الحُكم» التى أتت بالمرسى.
7- العامل الحاسم فى إعادة ترتيب المواقع هو الشريك الثالث أو الراعى الدولة (ويمكن أو يجب تلخيصه فى أمريكا).
8- وللتذكير، شركة الحكم هى اتفاق بين ثلاث قوى تريد توقيف الثورة أو تحجيمها، لكى لا تصل إلى إعادة بناء جمهورية بلا تسلط أو وصاية، جمهورية ديمقراطية تبنى قوة حقيقية لمصر.
9- شركة الحكم أيضا هى نسخة معدلة من إدارة أمريكا للمنطقة بمنح الوكالة لأنظمة تحقق مصالحها بشكل مباشر أو غير مباشر، وفى المقابل تحمى واشنطن الوكيل الذى يحقق استقرار المصالح.
10 الثورة أربكت الحسابات الأمريكية، وتخيلت الكيانات الكبيرة (الجيش والإخوان) أنها يمكن أن تحول الغضب الجماهيرى من مبارك إلى صراع على موقع «الوكيل».. ولأن الثورة لم تتوقف فإن الحسابات كانت ترتبك.. وبعدما تخيل العسكر أن جمهوريتهم المقنَّعة ستعود كان هتاف «يسقط يسقط حكم العسكر» ليسقط كل احتمال لاستمرار نظام مبارك دون تعديل.
11- التعديل كان هذه الشركة التى تضم طرفا إسلاميا، حيث يمكن السيطرة عليه، كما يمكنه هو السيطرة على ملفات مهمة مثل دخول حماس عملية التسوية أو تجييش المنطقة لتكوين حِلف سنى يواجه الخطر الشيعى.
12- الفشل الإخوانى جعل تصريحات رئيس الأركان راية بطولة وحب يوقف بها الجيشُ، الأب الكاكى، جنون السلطة الذى يجعل من الإخوان كائنا خرافيا يثير الرعب والفزع على المستقبل القريب والبعيد.
13- هكذا لم تعد هناك أطراف تخفى انتظارها العسكر: أين الجيش الذى أنقذنا؟ الجيش لا يريد العودة، لكنه يحب النداء، إذ يمنحه ما ينتظره من شحن معنوى ومن استمرار نفوذه داخل المجال السياسى.
14- العصيان المدنى هو النقطة التى يمكن أن ينطلق منها الجيش مدافعا عن الدولة، وأخطاء الرئاسة الإخوانية تصبّ فى توسيع المجرى العسكرى، وهذا هو الجديد فى «شركة الحكم»، الذى كان وراء ترحيب الولايات المتحدة بحوارات فردية ومجمعة للجيش مع قيادات فى الجماعة (الشاطر تحديدا) وجبهة الإنقاذ (حمدين صباحى ومحمد البرادعى وعمرو موسى). كما أن قيادات الجيش استفادت من أزمات الرئاسة بعد الإعلان الدستورى من ترميم صورتها بعد مرحلة انتقالية فاشلة، خرج منها الجيش فاقدا أسطورته ومكانته العاطفية عند قطاعات واسعة من المجتمع المصرى.
15- السيسى لم يكن «انقلابا إخوانيا» على المشير حسين طنطاوى ومجلسه، لكنه كان الوجه الصاعد من الرتب الحديثة ليرمم ما فعلته الواجهات القديمة.
والجنرال الشاب، بطموح شخصى، أراد أن يمنح المؤسسة العجوز شحنات جديدة بمزيج من الحفاظ على «مكانة» قادته السابقين، وفى ذات الوقت يحرص على المسافة بينه وبين «الجماعة» التى يحكم مندوبها قصر الرئاسة.
الفرصة كانت مثالية عند إعلان حظر التجول فى مدن القناة، فنزل الجيش، امتثالا لقرار الرئيس، لكنهم أوصلوا رسالة أخرى: «لن نواجه الشعب».
وكان اهتزاز شرعية قرارات الرئيس يصبّ فى عملية «ترميم» صورة العسكر ويحافظ على المسافة التى تعنى فى العقل السلطوى العسكرى، أن المدنى بسلطويته عاجز، بينما «الكاكى»، رغم كل شىء، هناك من ينتظره ويعتبره صمام أمان «الدولة».
16- انتظار العسكر كما تستدعى وحشًا فاشلًا فشلًا قديمًا لينقذك من وحشٍ فشلُه حاضر.
17- يجب التذكير بأن الحركة أو ارتباك كل شركاء الحكم وكل ترتيبات الغرف المغلقة من فعل الثورة وقوة الشارع.
18- هذا لا يعنى الوقوف فى خندق الدفاع عن الإخوان ولكن يعنى أننا لسنا فى حلبة مصارعة تتناوب فيها الوحوش على التهامنا.
19- لا بد من توقيف المسار الذى تم الاتفاق عليه فى غرفة مغلقة بين العسكر والإخوان لصالح مسار الثورة فى بناء نظام جديد.
نقلاً عن جريدة "التحرير"