وائل عبد الفتاح
(1)
مصر تستيقظ.
تقاوم رغم هجمات بربرية من جماعة تزويرها غشيم مفضوح، بدايةً من ركاكة التجهيزات والإدارة إلى عجز فِرق التزوير عن الإتقان.. المعتاد فى مثل هذه اللحظات.
(2)
الغريانى كان يراقب الغريانى.
الغريانى الأول أعدّ الدستور والغريانى الثانى أشرف على رقابة الدستور الذى أعده فى البريستو.. وأصدر 30 ألف تصريح على بياض لم تصل إلى أغلب منظمات حقوقية.. وفى النهاية ذهبت التصاريح إلى مندوبى الإخوان الذين يعرفون مصلحة الشعب أكثر منه.
(3)
محترفون هم فى الوصاية.
قالوا إن الشعب معهم.
وقالوا إنه مع دستورهم سيدخل الجنة.
لم يحترموا من اعترض على مؤامرة دستورهم، ولا احترموا شيئا سوى شهوتهم فى «احتلال مصر».
(4)
أخرجوا أسوأ ما فيهم.
لم يستطيعوا إخفاء كراهيتهم.
إنها لعبتهم الأخيرة وداخل كل منهم ذئب يحوم حول الفريسة.. وهذا ما دفعهم إلى ارتكاب فضيحة الاستفتاء.
(5)
لم تكن الفضيحة بالتزوير فقط.
لكن بالركاكة..
والعنف الدموى..
وفرض الأمر الواقع باللعب على عواطف الناس وتديّنهم.. استغلوا المساجد، والفقر.. والإرهاب.
إنها فضيحة المحتل الغشيم الذى لا يعرف المدينة التى يهاجمها، لا يعرف قوتها الكامنة.. إنهم غزاة متنكرون فى صورة أشخاص نعرفهم.. ويشبهوننا.
(6)
المرسى معزول فى قصره..
أسير حرب هو واجهتها، وجماعة تصرّ على أن يكون مندوبها.. مجرد مندوب لا حول له ولا قوة.. وينفذ تعليمات لا يعرف أنها تقوده إلى مصير تَعِس.
(7)
مرة أخرى.. ليست معركة على السلطة بين الإخوان وجبهة الإنقاذ.
إنه المجتمع يصدّ عدوان الجماعة.
ويستعيد الطاقات الكامنة فى بناء دولة حديثة.
مصر تدافع عن نفسها، وهذا هو الوعى الذى أسقط الدستور قبل أن يبله الإخوان ومَن حالفهم فى الاستفتاء.
(8)
نتيجة المرحلة الأولى، وكما أعلنها من زوَّرها، تكشف عن هزيمة ساحقة، فالاستفتاء ليس انتخابات، وعادة ما تكون النتيجة موافقة الغالبية بشكل ساحق، لكن وصول الرقم الرافض إلى ما يقترب من 45٪، حسب أرقامهم نفسها، فإن هذا يعنى أن خديعتهم انكشفت وأن هناك فى مصر قوة كبيرة ضد دستور الإخوان الذى يضع حجر الأساس للدولة الدينية.
(9)
كيف يخسر الرئيسُ المنتخَب العاصمة؟
القاهرة ضد مشروع المرسى وجماعته.
المرسى يحكم الأطراف.. وهذه سابقة فى التاريخ لمن فكر أو كان لديه أن يخرج قليلا من بالوعة المؤامرة ليرى ويفكر.. كيف أنهم يحكمون بلادا لا يعرفونها.
(10)
وجوههم شرسة.
منطقهم مفكَّك.
دعايتهم مجرد مزايدات.. وابتسامات خبيثة.
هذا ما تشعر به كلما رأيت أحدهم يدافع عن دستورهم الباطل.. إنه تجسيد فعلا لما يفعله الدفاع عن الباطل فى الإنسان.
(11)
تكسَّرت أيضا أساطير قوتهم الجبارة.
هاجموا بالقطعان التى تعرضت لغسيل دماغ..
وهاجموا بالسيوف والأسلحة..
وهاجموا بالصناديق.. وفى كل مرة يُهزَمون وتنتصر قوة المجتمع الذى يصدّ العدوان، ويبنى بنفسه دولته الحديثة.
(12)
أنتم مهزومون.. فعلا.
تتحركون بالجثث فى داخلكم.
هذا مجتمع يدافع عن نفسه ضد إرهابكم بعد أن أختبأ كثيرا خلف الدولة.
هذه المرة المجتمع يحمى دولة يبنيها.. دولة يدوسها من يتعاملون مثل الغزاة ويتصوروننا أسرى.
(13)
.. وكما قال جلال الجميعى صديقى الكبير «مصر الآن فى سِفر التكوين».
نقلاً عن جريدة "التحرير"