وائل عبد الفتاح
تثبت الأيام أن مسؤولية الرئاسة عن حفلات التعذيب فى الأربعاء الدامى ليست فقط سياسية..
فى تلك الليلة التى هاجمت فيها ميليشيات الإخوان الثوار المعترضين على قرارات الرئيس، لم تكن الرئاسة طيبة أو محايدة، لكنها كانت شريكا.. وما نريده الآن هو الكشف عن مدى هذه الشراكة.
سمعنا فى شهادات شهود الاتحادية عن أمراء ميليشيات الإخوان وقادتهم الميدانيين الذين كانوا يدخلون ويخرجون إلى القصر الرئاسى فى أثناء حفلات التعذيب. سمعنا أيضا بكامل وعينا الرئيس فى خطاب علنى يتهم مجموعة من المواطنين بأنهم اعترفوا بأنهم كانوا مأجورين فى خطة هجوم على القصر، وهو ما نفته النيابة أولا بقرارها الإفراج عن جميع المتهمين، وثانيا بالمذكرة التى قدمها المستشار مصطفى خاطر المحامى العام لنيابات شرق القاهرة والمستشار إبراهيم صالح رئيس نيابة مصر الجديدة إلى المجلس الأعلى للقضاء حول أحداث الاتحادية وبعد قرار النائب العام بنقل المستشار خاطر إلى بنى سويف. هذه المذكرة خطيرة، وكاشفة لموقع القصر الرئاسى ليس فقط فى ما حدث ليلة هجوم ميليشيات الإخوان ولكن فى العلاقة الثلاثية بين: القصر والجماعة والنائب العام. وقبل أن أنقل فقرات بالنص من المذكرة تكمل الرواية التى أراد مندوب الجماعة فى القصر إخفاء تفاصيلها، لا بد من إشارتين، الأولى أن النائب العام تراجع عن قرار إبعاد المستشار خاطر بعد حالة الغضب فى أوساط النيابة العمومية من سلوك النائب العام الجديد الذى ما زال يعتبر تعيينه من قبل رئيس الجمهورية مخالفا للقانون. والثانية أن مواقع الإخوان ومراكز دعايتها السوداء بدأت فى تلويث سيرة المستشار خاطر الذى شارك فى التحقيق مع مبارك بعد الثورة ومع قتلة سوزان تميم قبل الثورة. وهو ما يثبت العلاقة الثلاثية التى تسعى إلى أن يكون القضاء، كما كان فى عهد مبارك أداة حكم وترويض وتطويع... وهنا لم يعترض النائب العام على تدخل الأستاذ محمد بديع الموصوف عند الجماعة بالمرشد، حين طالب علنا النيابة بإعادة القبض على من أفرجت عنهم، لكنه قرر إبعاد المستشار خاطر الذى لم ينفذ رغبة المرشد ومندوبه فى القصر. والآن إلى هذه الفقرات التى لا تكشف فقط عن ملامح العلاقة الثلاثية بين القصر والجماعة والنائب العام، لكنها تشير إلى أدوار لعبتها الرئاسة فى حفلات تعذيب المتظاهرين الذين تم احتجازهم بصورة غير قانونية ومن قبل أمراء ميليشيات الإخوان المسلمين. 1- يقول كل من المستشار مصطفى خاطر والمستشار إبراهيم صالح: «... أثناء إجراء المعاينة (لموقع الأحداث فى الاتحادية)، تلقيت اتصالا هاتفيا من النائب العام يستفسر فيه عن مجريات التحقيق وموقف المتهمين وأبلغنا سيادته أنه كان قد تم ضبط حوالى 90 متهما على ذمة الأحداث، وأخبرنى أن هناك 49 بلطجيا تم ضبطهم وأنهم محتجزون عند البوابة رقم 4 الخاصة برئاسة الجمهورية فى قصر الاتحادية، وأنه تم التصديق بمعرفة سيادته مع السيد السفير رفاعة الطهطاوى رئيس ديوان رئيس الجمهورية، لكى تتوجه النيابة لقصر الرئاسة لاستلام هؤلاء المتهمين، وأفاد سيادته أنه يتعين اتخاذ قرار حاسم بشأن هؤلاء المتهمين، خصوصا المجموعة التى تم ضبطها فى قصر الاتحادية، واستطرد سيادته بحبسهم احتياطيا إذا توافرت الأدلة على ذلك...». وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الـ49 بلطجيا الذين أشار إليهم النائب العام هم المتظاهرون الذين تم احتجازهم من قبل ميليشيات الإخوان على باب القصر، وتعرضوا للتعذيب والضرب والإهانة، ومن بينهم استمعنا إلى شهادات السفير يحيى نجم (القائم بأعمال السفارة المصرية فى فنزويلا.. قبل استقالته، احتجاجا على فساد «الخارجية» فى عهد مبارك)... والناشطة السياسية الشابة علا شهبة التى أفرج عنها بعد وساطات مع قيادات كانت تدير حفلة التعذيب بالتليفون. وسؤال قبل الانتقال إلى الفقرة الثانية: «هل من الطبيعى أن يطلب النائب العام من المحامى العام وقبل التحقيق قرارا حاسما بشأن متهمين قبل التحقيق أو حبسهم؟! والسؤال الأهم: ما دور الرئاسة عبر رئيس الديوان فى عملية احتجاز المتظاهرين وتعذيبهم فى معسكر تابع للميليشيا الإخوانية على باب القصر؟ السؤال الأخير ربما نجد إجابته فى الفقرة القادمة. 2- «تقول مذكرة المستشار مصطفى خاطر والمستشار إبراهيم صالح فى فقرتها الثالثة: «... توجهنا إلى قصر الاتحادية وتقابلنا مع السيد رئيس الديوان وقدم لنا سيادته مذكرة، مفادها ضبط 49 متهما بمعرفة المتظاهرين ومعهم سلاح نارى فرد خرطوش وبعض الطلقات وبعض الأسلحة البيضاء وضبطت أيضا بمعرفة المتظاهرين، وقد قمنا بمناظرة هؤلاء المتهمين، وتبين أن جميعهم تعرض للضرب المبرح، ويوجد فى كل منهم إصابات، تم إثباتها فى حينه، بموجب محضر إجراءات، وبموجب تقارير طبية، وأفاد كل منهم أن من تولى ضبطهم هم مجموعة تنتمى لجماعة الإخوان المسلمين، وأنهم تعرضوا للضرب والتعذيب للاعتراف بأنهم مأجورون لإحداث أعمال شغب لقاء مبالغ نقدية...». ما دور رئيس الديوان؟ وما علاقته بالمجموعات التى احتجزت المتظاهرين؟ وكيف برر عملية القبض عليهم؟ فى الرواية تفاصيل أخرى... إلى الغد.
نقلاً عن جريدة "التحرير"