رئيس لا أمير مؤمنين
أخر الأخبار

رئيس لا أمير مؤمنين

المغرب اليوم -

رئيس لا أمير مؤمنين

وائل عبد الفتاح

كتبت الجملة على «تويتر»، ومعها مجموعة أخرى من عبارات مثل: مواطنون لا رعايا.. انتخابات لا بيعة. ولفت نظرى أحد التعليقات يقول صاحبها: وهل تطول عدل أمير المؤمنين؟ وفكرت فعلًا فى سؤاله: أليس عدل عمر بن الخطاب الذى قرأنا عنه وتناولته كتب السير.. حلمًا ومثالًا يحتذى؟ لكن عبارتى لم تكن عن عدل أمير المؤمنين، ولكن عن اختلاف النظم السياسية. العدل يمكن أن يتحقق بنظام سياسى قديم مثل الخلافة الإسلامية.. ويمكن أن لا يتحقق كما كان الحال مع غالبية من أمراء مؤمنين كانوا مثال الظلم والقهر والاستبداد. كما أن العدل ممكن مع أنظمة أقدم من الخلافة أو أحدث مثل الجمهوريات. وهذا هو الموضوع، أن العدل ليس مقتصرًا على نظام سياسى، والتفكير فى إعادة نظام قديم بعد رحلة طويلة خاضتها البشرية كلها لتقديم نظم سياسية تناسب العصر وتعبر عن معرفة جديدة. لكن هناك بالطبع مَن يتصورون أن العودة إلى نظام سياسى قديم يمنحهم قداسة أو حماية مرتبطة بالدين أو بالتقاليد.. وهذا هو الخطر لأن الأنظمة الحديثة التالية للثورة الفرنسية نزعت القداسة والاستثناء عن الحاكم.. لم يعد بطلًا.. ولم يعد مقدسًا.. وهذا هو الفرق بين البيعة والانتخابات وبين البطولة والوظيفة. الرئيس موظف عمومى يدير مؤسسات الدولة فى فترة انتخابه، ويغادر من أجل شخص آخر لديه قدرات وطاقات جديدة، وهذا ينتزع الاستثناء الذى حكمت به العائلات فى النظام الملكى، ثم الأبطال الحربيون فى جمهوريات عسكرية. البشرية كلما تقدمت كانت أميل إلى نزع أقنعة لا قداسة عن حكامها، وتخلصت من أوهام تربط الحكم بالدين أو بالبطولة فى ميادين الحرب. وعلى هذه الأرضية كانت حكاية الشيخ علِى عبد الرازق.. فى أولى المعارك التى تنزع القداسة عن نظام سياسى.. يقدمه أنصاره على أنه «فرض دينى»، وهى خدعة كاملة الأوصاف. الصراع الذى دخله الشيخ علِى.. سياسىّ. بين قوة ونفوذ السلطة القادرة على الاغتيال المعنوى (وأحيانًا المادى) ومتمرد لا يملك إلا أفكاره وقوة التغيير والتجديد التى تراهن على الزمن فى مقابل كل فقهاء المصادرة (من كل الأديان.. والثقافات والأجناس والألوان). المتمرد يدفع الفاتورة فورًا: يُطرَد من رضا السلطة (دينية أو سياسية أو ثقافية).. ويكون مثل الخارج عن القطيع.. وحيدا.. مصيره مهدد.. وسمعته منتهَكة.. وحياته يمكن أن ينهيها متعصب أو جاهل تغلى الدماء فى عروقه لأن هناك مَن أفتى أو أصدر حكمًا بأن هذا خائن أو مرتدّ أو عميل أو يحرض على الفساد الأخلاقى (عندما قرر أحمد لطفى السيد خوض انتخابات البرلمان فى دائرة بريف مصر.. كان يتحدث أمام الأهالى عن الديمقراطية.. وكانت الكلمة غريبة على أذهان الفلاحين المبهورين بالباشا القادم من القاهرة.. ووجدها المرشح المنافس فرصة ليضرب لطفى السيد.. وقال لهم إن الديمقراطية تعنى ببساطة أن كل واحد ينام مع امرأة الآخر..). وهذا ما يحدث فى كل مرة يخرج فيها كتاب عن الصف. تخرج ميليشيات السلطة مستخدمة السلاح الشهير: التكفير الدينى أو السياسى أو الأخلاقى. ويتحول صاحب الكتاب إلى كافر أو خائن أو قوّاد. يعيش صاحب الكتاب وحيدًا. فى أَسْر الحرب الموجهة ضده. فقد حريته.. يصبح سجين الصورة الجاهزة للخارج عن القطيع. وربما تكون هذه متعة لمقاتلين يحلمون بتغيير المجتمع. لكنها متعة قاسية.. قد تدفع بشاب مثل الشيخ على عبد الرازق إلى الابتعاد عن كل ما يتعلق بالكتاب. هذا رغم أن كتابه «الإسلام وأصول الحكم» أنهى حلم ملك جبار هو أحمد فؤاد. حدث هذا سنة 1925وكان شرارة أول صدام بين رغبات السلطة وكاتب قرر أن يكتب عن موضوع مثير وهو: الخلافة الإسلامية. هل الإسلام دين ودولة؟! هل الخلافة هى الفرض السادس على المسلمين؟! هل يعترف الإسلام بحكم الفقهاء أو وكلاء الله على الأرض؟! الأسئلة كانت حارقة وقتها. وعلى عبد الرازق الشيخ الأزهرى.. تقمص روح مغامر عنيد.. واقتحم قلب المعركة. والحكاية لم تنتهِ بعد  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رئيس لا أمير مؤمنين رئيس لا أمير مؤمنين



GMT 20:18 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 20:14 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 20:08 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ترمب وإحياء مبدأ مونرو ثانية

GMT 20:06 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 20:04 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 20:01 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

GMT 19:59 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

في انتظار ترمب!

GMT 19:54 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة ساركوزي!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 21:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

فالنسيا يقيل مدربه باراخا بعد التراجع للمركز قبل الأخير

GMT 11:01 2019 الأحد ,21 إبريل / نيسان

اكتنز ثواب وفضل ليلة النصف من شهر شعبان

GMT 20:16 2019 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الهدف الأول لليفربول عن طريق ساديو مانيه

GMT 12:05 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

"ديور" تطلق مجموعة جديدة ومميزة من الساعات

GMT 00:12 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

إنتر يواصل ملاحقة الصدارة بثنائية في كومو

GMT 23:47 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

نيكولاس غونزاليس سعيد باللعب في غير مركزه مع يوفنتوس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib