وائل عبد الفتاح
سوف ترونها قريبا..
إنها تقترب..
يحذر الحكيم من أجواء الحرب الأهلية../ من الدم القادم/ من الانتقام المتبادل/ من نفى العقل.. والحكمة.. والذكاء.. لصالح الهيستيريا الجامحة.. هيستيريا الخائفين/ والكورال المرعب..«اقتلوهم.. ولا تهتموا بشىء.. أعدموهم ولو خارج القانون..».
والحكيم ليس وحده..
ستجده هناك بين كل من يعيش أجواء الحرب الأهلية.. دون حرب أهلية.
يسير ضمن صفوف خائفة/ مرعوبة... هاربة من جحيم سنوات دولة بدأت بالأحلام بعد الاستعمار وتنتهى على حياة أعيننا بالكوابيس.
تنتهى إلى أجواء حرب أهلية لم تحدث.
الإخوان يعلنون «الجهاد» ردا على أحكام الإعدام.
والذين يتصورون أنهم يقودون الجماهير الخائفة/ أو أنهم يمكن أن يغنوا «صولو» فى كورال الخائفين، يكيلون مدائح القتل بالقانون.
وعلى الجهة المقابلة «صولو» آخر لا يترحم فقط على الذاهبين إلى الإعدام، لكنهم يعتبرونهم «ثوارا» «وشهداء» لأنهم ضحايا الهيستيريا.
ينسى أنهم «مجاهدون» وجهادهم يقتل الجميع باسم إقامة «مملكة الله..».. وكيف تتذكر فى الهيستيريا ذلك بينما الحاكمون بأمر الدولة، يدمرون الدولة نفسها، بتدميرهم سبل محاكمة عادلة، وينفذون عقابا جماعيا على «تنظيم.. اسمته الصحافة خلية عرب شركس..» وبدلا من عقاب القتلة فعلا.. تم عقاب كل من انتمى للتنظيم.. وذلك بعد خطفهم فى سجن العزولى.. الذى لا يذكر على خارطة السجون.
مدائح القتلة أو القتل متبادلة.
وكل طرف يبحث عن صفوف وضحايا يستدر بهم العواطف، ويثبت أنه «الصولو» الأوحد القادر على تجميع الخوف فى أوبريت واحد.
وفى هذه الهيستيريا.. أعيد ما كتبته قبل أيام: «العالم القديم الذى ترعرع فيه الفاسد والإرهابى يتآكل.. ونحن لأول مرة ندرك أننا جزء من هذا العالم بالتواطؤ أو بالمصلحة أو بالتصفيق مثلا لقاتل السادات، لأننا لا نستطيع إسقاطه، أو بالتصفير على نغمة فاسد، لأنه سينقذنا من الإرهاب وحكمه الخانق».
الخيوط تتشابك بشكل مخيف.. ونعرف أن الإرهابى يمكنه أن يقتلنا فى أى وقت.. دون تمييز، ولو كنا من الهاتفين بمحاكمة عادلة له.. أو أن أجنحة المنتقمين فى الدولة يمكنها أن تحول أى شخص.. إلى ضحية مقصلة.. ولو كان من الواقفين بكل ما يملكون من ضعف وعجز إنسانى فى طابور المطبلين أو المنافقين.
لا أحد بعيد عن مصير التحول إلى ضحية.. فليس أقل من التوقف عن مساندة القتلة.. أو الشماتة فى القتلى.. أو تبرير القتل.
ليس أقل من الاعتراف بأن الصيغ والأفكار والثقافة واللغة التى أنتجت كل هذا البؤس.. لم يعد ممكنا الدفاع عنها.. أو تصور أنها يمكن أن تقدم ضوءًا فى آخر النفق.