عندما فتحنا حياتنا على الغرباء
وزارة الصحة في قطاع غزة تُعلن إرتفاع عدد الشهداء منذ العام الماضي إلى 43799 ونحو 103601 مصاباً الخارجية الإيرانية تنفي المزاعم بشأن لقاء إيلون ماسك بممثل إيران في الأمم المتحدة وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على البلاد إلى 3452 شهيداً و14.664 مصاباً استشهاد اثنين من قيادات حركة الجهاد الفلسطينية في غارة إسرائيلية على سوريا استشهاد 5 أشخاص في غارة إسرائيلية على مدينة النبطية جنوبي لبنان مئات الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب احتجاجاً على"تخريب صفقات الأسرى" استقالة وزيرة هولندية من أصول مغربية بسبب "تصريحات عنصرية" صدرت داخل اجتماع لمجلس الوزراء إستشهاد 7 فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على خيم النازحين بمواصي خان يونس وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على البلاد إلى 3445 شهيداً و14599 مصاباً استشهاد 3 أشخاص وجرح 9 في الغارة التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على منطقة المساكن الشعبية في صور جنوب لبنان
أخر الأخبار

عندما فتحنا حياتنا على الغرباء

المغرب اليوم -

عندما فتحنا حياتنا على الغرباء

وائل عبد الفتاح


لا يكفُّون عن التحديق.

حتى الذين عرفتهم صورا وحكايات يحدِّقون كأن طاقتهم لم تذهب إلى الموت معهم.

ترنح جسد «باسِم» من الدور العاشر. ساعتها فقط اكتملت حكايته وأصبحت تحديقته تخصّنى. اكتشفت أنه يتقاطع مع دوائر متعددة من الأصدقاء، وله فى الثلاثين جاذبيّة المترفِّع عن الحروب الصغيرة. لم ألتقِه شخصيا لكن اسمه عندى على قائمة الأصدقاء فى «فيسبوك» و«تويتر».. لقد تغيرت مفاهيم وأحوال وأشكال الصداقة. تظن أن خبرًا مثل «موت باسِم صبرى بعد سقوطه من شرفة منزله» سيمرّ عاديًّا، أو بلعبة الإنكار والألم والتلصص على حكاية القافز من أعلى.. لكنه فجأة أصبح يخصك. انضم إلى مجموعة المحدقين فيك الذين لا يغادرون مع أجسادهم.

لقد اتسعت دوائرنا لمزيد من الغرباء. اتسعت بما يعنى تشظّى المشاعر إلى درجة لا نهائية. صلات تتوالد عن بُعد، وأحزان تصبح جزءا منك وأنت غارق وحدك فى أحد ثقوب قطعة الجبن الكبيرة.. تصنع فيها مدينتك وتتسع خطوتك تقول إنك ابن مدينة بين 20 مليونا يتجولون فيها كأنهم فى حرب، وأنت تختار الممشى بين كل هذه الطرق الحربية لتقول عليه مدينتك.

لكنّ «باسِم» سقط بالقرب منك.. فى المهندسين ترنح جسده الثلاثينى لتحفر نظرته التى تبدو قديمة/ تبدو أيضا من زمن ما بين حروب الحضارات.

«باسِم» ابن فسحة زمنية بين الحرب عاش فيها وسط ألوان أراها صوره وأتمعن فى تأثيرها على ملامح وجهه ليبدو مغنّيًا يونانيًّا، لم يقفز مع آلهة الحرب كالضفادع ليملؤوا الأرض.. لكنهم يتبادلون أبياتًا أو ألحانًا أو يلوكون فكرة قديمة تصنع هواء بين العجلات الحربية.

قديمٌ «باسِم»، فكيف ترك جسده يترنح فى رقصة الهواء ليسقط فى قلب المهندسين/ أحد قلوب القاهرة الشاغرة بأهواء وشهوات ونزوات، لا تتوقف أو لا تخضع لتاريخ قديم مثل مصر الجديدة أو العباسية أو الزمالك.. إنها قلب مَن لا تاريخ له، هى المدينة التى سخر منها على صفحته فى «فيسبوك» قبل أيام قليلة، وعندما غاب سكان المدينة فى إجازة شم النسيم: «…القاهرة قد إيه حلوة وهى فاضية من غير ناسها…» كتبها ورسم وجهه المبتسم.

وقبلها كتب وداعًا لماركيز بعد أن نشر جملة منسوبة إليه:

«… ليس حقيقيا أن الناس تتوقف عن السعى وراء أحلامها لأنها شاخت فى السن، بل هى شاخت فى السن لأنها توقفت عن السعى وراء أحلامها…».

جسده طار قبل أن يصل إلى سؤال الشيخوخة/ احتفظ به شابًّا لا تغادر ابتسامته/ ونظرته الماكرة، وأناقته، الذاكرة. تلك الذاكرة التى ما زالت تعانى من الأماكن الشاغرة فى الروح من الأصدقاء. تلك الأماكن التى تترك فراغا لا يشغله أحد/ أصدقاء رحلوا سريعًا/ كأن معركتنا منذ أن خرجنا من البالونات الشخصية قد أفقدتنا قدرة ما من مقاومة الرحيل، كأننا دخلنا نفقًا كونيًّا نحارب فيه وحوشًا خرافية كل يوم تخطف واحدا.

«باسِم» خطف طائرا رغم أنه لم يكن من أصحاب الخصر النحيل.. لكنه فى ما يبدو فقد فى لحظة التوازن بين الجسارة والحياة… فقدها فى لحظة لا أعرف لماذا ربطتها بآخر ما كتبه على «فيسبوك»:

لأن بعض الأمور تستحق المخاطرة من أجلها. إنها الأمور التى ربما تعطيك فرصة أن «تحيا»، وليس لمجرد أن تظل على «قيد الحياة»، فقط حتى يصمت جسدك ثم يفنَى يومًا ما من تلقاء ذاته.

«فيسبوك» جعلنا أصدقاء/ تداخلت حياتنا إلى درجة لم أفهم فيها سر تتبعى لألوان الخلفية فى الصور أو لسعيه وراء الحلم الكامل بالحرية/ ليبرالى مخلص لليبراليته/ أو مثقف عابر للحظة الركاكة العمومية/ تداخلت الحياة وتابعت اللوع الذى أصاب أصدقاء كثيرين/ إلى درجة تركت فراغا إضافيًّا بغيابه.

نعم لقد عدنا من ٣ سنوات فيها فتحنا حياتنا على الغرباء الذين لا نعرفهم.. عدنا لنقيم حواجز من الكارتون المقوّى كلما مشينا فى الشارع/ أو توقفت السيارة فى إشارة مرور… نحن الآن فى علبة نحاول فيها الاحتفاظ ببعض من مشاعر لم تطحنها الحروب اليومية فى شوارع المدينة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما فتحنا حياتنا على الغرباء عندما فتحنا حياتنا على الغرباء



GMT 20:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 20:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 20:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 19:35 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 19:32 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 19:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 19:27 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

GMT 19:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

القصة مُدرس ومَدرسة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:16 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

منزل نتنياهو تعرض لسقوط قنبلتين ضوئيتين
المغرب اليوم - منزل نتنياهو تعرض لسقوط قنبلتين ضوئيتين

GMT 18:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية
المغرب اليوم - محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية

GMT 04:24 2024 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

صندوق النقد يوافق على صرف 1.1 مليار دولار لأوكرانيا

GMT 05:58 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

مناخا جيد على الرغم من بعض المعاكسات

GMT 15:25 2019 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

عمرو خالد يكشف طرق رؤية الله في كل شيء حولنا

GMT 13:38 2019 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

مقتل راعي أغنام بسبب لدغة أفعى سامة في أزيلال

GMT 01:44 2019 الإثنين ,04 شباط / فبراير

قاصر مغربي يقدم على مغامرة خطيرة للهجرة السرية

GMT 15:14 2019 السبت ,02 شباط / فبراير

تعرفي على أفضل تصاميم الديكورات الزجاجية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib