رهينة لا مواطن
وفاة الموسيقار المغربي محمد بن عبد السلام عن عمر يناهز 94 عاماً الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران تُحذر من مخاطر كبيرة تواجهها الطائرات عند التحليق في الأجواء الروسية المحكمة العليا الأميركية ترفض تأجيل نطق الحكم الجنائي ضد الرئيس المنتخب دونالد ترامب البرلمان اللبناني ينتخب جوزيف عون رئيسا جديدا للبنان بعد ولة انتخابية ثانية ظهر الخميس "99 صوتًا من أعضاء مجلس النواب اللبناني يحسمون جولة الانتخابات الرئاسية" إستعدادات وتحضيرات يشهدها قصر بعبدا بانتظار الرئيس اللبناني الـ14 للبلاد بدء عملية تصويت نواب البرلمان اللبناني بالاقتراع السري في الدورة الثانية لانتخاب الرئيس الجديد بدء جلسة الدورة الثانية في البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس الجمهورية نادي وست هام يونايتد يُعلن أقال مدربه الإسباني جولين لوبتيغي بسبب سوء نتائج الفريق هذا الموسم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يُقدم العزاء في وفاة أسطورة الملاكمة عبد القادر ولد مخلوفي
أخر الأخبار

رهينة لا مواطن

المغرب اليوم -

رهينة لا مواطن

وائل عبد الفتاح


لم أستطع منع عينى من النظر والتحديق فى المشهد.

فى تقاطع شارع رمسيس مع شارع ٢٦ يوليو.. كان الميكروباص يقف معبرا عن حالة سلطوية، معترضا الطريق كما يفعل العشوائى وصاحب السلطة، هما فقط اللذان يتصرفان فى الشوارع كما لو كانا يملكانها ونحن ضيوف بلا حقوق فيها.

كان ذلك فى الساعات الأولى من اليوم.. الخامسة تقريبا، حيث تبدأ المدينة فى استيقاظها الهادئ.. ويتسلم أهل النهار النشطاء ما يودعه أهل الليل بكل تنويعاتهم وأنواعهم وأشكالهم.

وفى هذا التوقيت وفى تلك النقطة الحيوية، كان مجموعة من المصريين (كلهم شباب) يقفون فى طابور رافعين أيديهم لأعلى، بينما أمامهم مجموعة أخرى أجسامهم أقوى يرتدون ملابس مدنية.. ويقومون بتفتيش كل منطقة فى جسد الواقفين بالطابور، الذين بدا عليهم استسلام غريب.. وانكسار لم تخفِه مشاعر القلق مما سيحدث بعد طابور التجريد، الذى وقعوا فيه رهينة وفى قلب القاهرة وعلى مرأى ومسمع من سكانها العائدين من الليل أو المقتحمين للنهار.

المشهد ليس جديدا، وتفسيره ليس ملغزا، فهؤلاء ليسوا جنود احتلال أو عصابة قطع طرق، لكنها فرق الشرطة التى تنفذ عملها الروتينى المعتاد بهذه الطريقة التى أصبحت «روتينية» إلى درجة موجعة، ومهينة، ومثيرة لفزع طويل الأمد.

فهذه الجحافل لا تحقق الأمن بهذه الطريقة.. (لكن أسلوب العمل المعتمد والمتعارف عليه.. لدرجة تجعله فوق القانون وقدرات المسؤولين، خصوصا مع دعم التنظيم السرى الساعى إلى تثبيت نصيب طائفة الشرطة فى تقسيمة السلطة).

إذن ماذا تحقق هذه الغارات التجريدية (ليس نسبة إلى الفن التجريدى.. وإنما إلى فعلها فى تجريد الناس من شروطها الإنسانية)؟

هل تحقق مثلا اللذة؟ أو التعويض عن الشعور بالدونية أو قلة الحضور الإنسانى؟ هل التصقت جحافل الشرطة بأسلوبها إلى درجة لا يفكرون فيه فى معنى أو يتصورون أنهم يؤدون عملهم؟ هل عمل الشرطة هو إفقاد الناس شعورها بالكرامة والإنسانية ليسهل حكمهم؟

لكننا لسنا فى عالم معزول ونرى إن لم نكن نسافر لنعيش حياة أخرى.. وأساليب مختلفة.. وهو ما يجعل هذه الجموع تدافع عن «إنسانيتها المفقودة» كما حدث فى جمعة الغضب على سبيل المثال.

هل يفكرون مثلا أننا يمكن أن نستسلم لهذه المشاعر القاسية والموجعة بأننا رهائن.. وأن هناك من يريد أن نعود إلى وضع تكلمت عنه كثيرا أيام مبارك، حيث يريدوننا «قطعانا تعيش فى مستوطنة عذاب كبيرة»؟ هل هى خطة لتكوين أو إعادة تكوين سلالة «الإنسان المهدور»؟

والوصف كما أشرت إليه عدة مرات هو عنوان كتاب لعالم مصرى متخصص فى علم النفس هو الدكتور مصطفى حجازى. و«الإنسان المهدور» درجة أعلى من الإنسان الذى يعيش تحت ضغط القهر والاستبداد والطغيان. وبتعبير بسيط هو إنسان يتعرّض لـ«عدم الاعتراف بالطاقات والكفاءات أو الحق فى تقرير المصير والإرادة الحرة وحتى الحق فى الوعى بالذات والوجود».

المقهور يمكنه أن يرفض ويتمرد ويثور، ورغم كل شىء فإنه يحصل على اعتراف من السلطة التى تقهره، بشرط أن يخضع لمشيئتها ورغبتها. أما المهدور فإنه يتعرض لشىء أفظع: عدم اعتراف السلطة بوجوده أصلا. تقتله، تعذّبه، تحرمه من حقوقه، تزوّر إرادته، تسرق ثرواته، وتلغى وجوده.

أسئلتى ليست تعبيرا عن وجع تحديقى فى طابور «الرهائن» الصباحى.. لكنه تفكير واقعى: هل يتصورون أن قدراتهم ستحولنا جميعا إلى سلالة مهدورة الإنسانية؟ وهذه القدرات الخرافية ستتمكن من مهمتها المذهلة بالقضاء على كم شخص يعملون بالسياسة أو يكتبون لتذكرة الجميع بالإنسانية المهدرة؟ هل يفكرون بهذه الطريقة فى الدفاع عن فشلهم فى تحقيق الأمن.. وفى الحكم الرشيد؟

نكتب هذا والداخلية غاضبة من الهجوم عليها فى الصحف، وبدلا من التحقيق فى الجرائم اليومية توجه بلاغات ضد الصحفيين.. والصحف.

نكتب هذا بينما يهرب السياسيون بمختلف أطيافهم.. من مناقشة خطة تحويلنا إلى سلالات من الرهائن لدولة طوائف، فاشلة وعاجزة.

يغرق هؤلاء فى تأويل الهجوم: هل هو صراع أجنحة؟ أم خطة إخضاع طائفة لمجموعة الحكم؟

التأويل يسرق كل إمكانات الحوار حول سؤال بسيط: كيف نمنع الإهدار اليومى لإنسانيتنا؟ كيف نهرب من مصير القطعان المهدورة؟

أما التأويلات فتسلَّ بها فى المساء والسهرة أو داوِ بها أوجاع مشاهدتك للطوابير المنتظرة لذة العاجزين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رهينة لا مواطن رهينة لا مواطن



GMT 20:18 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 20:14 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 20:08 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ترمب وإحياء مبدأ مونرو ثانية

GMT 20:06 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 20:04 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 20:01 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

GMT 19:59 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

في انتظار ترمب!

GMT 19:54 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

محاكمة ساركوزي!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

المغرب يستعيد مكانته كأول وجهة سياحية في إفريقيا
المغرب اليوم - المغرب يستعيد مكانته كأول وجهة سياحية في إفريقيا

GMT 08:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ترامب يؤكد أن بوتين يرغب في اجتماع لإنهاء حرب أوكرانيا
المغرب اليوم - ترامب يؤكد أن بوتين يرغب في اجتماع لإنهاء حرب أوكرانيا

GMT 21:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

فالنسيا يقيل مدربه باراخا بعد التراجع للمركز قبل الأخير

GMT 11:01 2019 الأحد ,21 إبريل / نيسان

اكتنز ثواب وفضل ليلة النصف من شهر شعبان

GMT 20:16 2019 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الهدف الأول لليفربول عن طريق ساديو مانيه

GMT 12:05 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

"ديور" تطلق مجموعة جديدة ومميزة من الساعات

GMT 00:12 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

إنتر يواصل ملاحقة الصدارة بثنائية في كومو

GMT 23:47 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

نيكولاس غونزاليس سعيد باللعب في غير مركزه مع يوفنتوس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib