وائل عبد الفتاح
البنك الدولى يرسل ملاحظاته: إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة مؤشر خطر..
والإخوان يردّون على الهجوم الانتقامى والقتل بالقانون بتصعيد الخلاف والعمل رسميا من خلال: نداء الكنانة.
ومنظومة العدالة كلها ترتبك فى مواجهة حكم قضائى بحبس المذيع أحمد موسى.
ماذا يمكن أن نرى من هذه المفارقات (وهى أمثلة عابرة)؟
سنرى على سبيل المثال:
1- بعيدا عن الثقة باستحقاق الدولة بحالها الراهن للضرائب، فإن إلغاء أو تأجيل الضرائب على البورصة، هو تأكيد أن مصر «رهينة شركاتها» بالمعنى المضاد للرأسمالية.
البنك الدولى وهو إحدى المنظومات المحافظة فى حماية الماكينة الرأسمالية، ينتقد سياسات عدم المساواة، معتبرا أن الدولة بوقوعها رهينة هذه الشركات «تعيق التوظيف وحل مشكلة البطالة» وتضرب مثلا بمصر، حيث الدولة رهينة 496 شركة تملكها 32 عائلة فقط، تقيم فى «محميات سياسية» حصلت على تصاريح ثروات بسبب قربها فى النظام الجديد، وحاصرت السلطة باحتكارها فرص البرلمان أو تداول السلطة (قبل سقوط مبارك)، لتمنع إمكانية إعادة توزيع الدخل لتحقيق قدر أكبر من المساواة (هى التى يدافع عنها البنك الدولى باعتبارها شرط تحقيق معدلات نمو..).
2- وهذه إشارة خطر إلى أن الدولة (بعد سقوط مبارك وانتصار نخبته فى المعركة مع الإخوان بإحكام القبضة على الدولة)، فشلت فى وضع سياسات جديدة تمكّنها من استيعاب طاقات معطَّلة/ ومطرودة (متجسدة فى كتل البطالة التى تتضخم بمعدلات رهيبة/ ودخول طاقات مبتكرة فى مجال الأعمال إلى سوق يعاد احتكارها بنفس الطريقة القديمة)، وهو الفشل الذى يدفع بها إلى حماية نفسها من افتراس الرأسمالية المتوحشة (التى منحتها تراخيص التوحش).
3- وفى دائرة مثل هذه تتحول كل مؤسسات الدولة إلى مسرح استعراض النفوذ والدفاع عن «المواقع».. تغيب القيم والمعانى وراء القوانين ليحل محلها الدفاع المستميت عن «الخلية» التى تحركت فى «30 يونيو» لتمتص الغضب الجماهيرى من حكم المرسى مندوب الإخوان فى قصر الرئاسة، هذه الخلية تدافع عن نفسها/ نفوذها/ بكل ما تمتلك من سلطات ونفوذ وقدرات لحماية كل طرف فيها.. هذه «الخلية» نجحت حتى الآن فى تحويل خروج الناس إلى خلفية لصراع حول السلطة.. وهو التحول الذى من أجله اتسعت أدوار ماكينات البروباجندا، ولم تعد مثل أحمد سعيد، مجرد صدى فى الخلفية.. وإنما يتقدم قاذفو النفايات المتلفزة الصفوف الأولى.
4- وهذا على ما يبدو سر الارتباك والتصريحات المتضاربة حول حكم حبس المذيع أحمد موسى.. وهى ليست قضية رأى.. وإنما اعتداء على سمعة شخص هو الدكتور أسامة الغزالى حرب، ونشر أخبار كاذبة، كما أنها ليست السابقة الأولى، فالمحكوم عليه بالسجن ليس مجرد مذيع قادته ظروف لا نعرفها إلى الشاشة، وإنما ضلع أساسى فى عمليات اصطياد تليفزيونية لقائمة من الشخصيات على اختلاف تياراتها، شخص بهذه الخيلاء هل يمكن أن يُحبس دون ارتباك؟
5- قصة المذيع المهووس بغسيل الأدمغة طريفة وتافهة مقارنة بالتحولات التى ظهرت على السطح فى جماعة الإخوان، والإعلان رسميا عن تبنى «نداء الكنانة..»، الذى وقَّع عليه مجموعة يصفون أنفسهم بأنهم «علماء الأمة»، وهى تعريفات تعيدنا إلى «اللغة القديمة..» (الكنانة..) وإلغاء السياسة (علماء، وأمة..) وطائفية (النداء موجَّه إلى المسلمين والأمة هى أمة الإسلام..).. وهذا اتجاه كاشف لحقائق قديمة مثل (الإسلامى المعتدل خرافة) و(العنف هو قدر التنظيمات الإسلامية السلطوية) و(إرهاب الدولة والمجتمع كامن فى بنية الفكرة..) كما أنه يكشف عن الجديد فى الجماعة التى تواجه أقوى محنها منذ نشأتها قبل 87 عاما.
…
وفى النقطة الأخيرة كلام آخر.