فاروق جويدة
كان الأستاذ هيكل يحرص كل يوم على حضور اجتماع التحرير فى الأهرام فى التاسعة صباحا حيث يناقش مع كبار المسئولين فى الجريدة السياسة التحريرية ويضع الخطوط العريضة للعدد اليومى وذات يوم طلب الأستاذ هيكل أن يحضر الاجتماع اثنان من المحررين كان الأول وجدى رياض والثانى أنا.
وجلست بجانب وجدى وكانت المرة الاولى التى اراه فيها ويومها حاولت أن اناقش بعض الأشياء وطلبت الكلمة من الأستاذ هيكل واعطانى الكلمة وفوجئت بأحد المسئولين الكبار يدوس على قدمى كى اتوقف ولم التفت إليه.. رافقت وجدى رياض سنوات عمرنا فى الأهرام كان مهذبا مؤدبا ومبتسما دائما وكنت ترى مكتبه مزدحما بعمال المطبعة والمحررين والموظفين هذا يطلب خدمة عند أحد كبار الأطباء وهذا يريد توصية فى المستشفى وثالث يريد نوعا من الدواء لا يوجد فى الأسواق..
منذ أيام اهدانى وجدى رياض كتابه الأخير كنت محررا علميا طاف فيه برحلته الصحفية وقدراته المميزة عبر سنوات طويلة من العمل الجاد.. كان من السهل ان تجد أخبار وجدى رياض فى الصفحة الأولى من الأهرام ومازلت اذكر انفراداته الصحفية حين جاء شاه إيران ليموت فى القاهرة بعد ان ضاقت عليه الأرض بما رحبت وتخلى عنه جميع الأصدقاء ولم يجد غير الرئيس الراحل أنور السادات يلملم غربته..فى كتاب وجدى رياض رحلة محرر بدأ غريبا فى بلاط صاحبة الجلالة أن يجد لنفسه مكانا وسط أقسام الجريدة التقليدية الأخبار والحوادث والتحقيقات حيث كانت قضايا العلم والعلماء بعيدة لحد ما عن اهتمامات الصحافة المصرية ولكن وجدى رياض استطاع ان يقوم بدور مميز فى منظومة صحفية ناجحة للاهرام فى عصره الذهبى أيام الأستاذ هيكل وكان الراحل الكبير صلاح جلال وراء هذه المنظومة..إن كتاب وجدى رياض حمل عبق سنوات جميلة من الصداقة والمودة التى جمعت دائما ابناء الأهرام على حب جريدتهم وإحساسهم دائما إنها بيتهم جميعا..وتبقى تجربة وجدى رياض المحرر العلمى درسا مهنيا لمن أراد أن يتعلم ليكون فى مقدمة الصفوف فى بلاط صاحبة الجلالة.لقد اعادنى كتاب وجدى رياض إلى ذكريات عزيزة فى الأهرام حين كانت أحلامنا بامتداد هذا الكون.