فاروق جويدة
سألتنى كيف ترى حواء؟ قلت : المرأة ثلاث امرأة من نار وامرأة من نور وامرأة من رماد.. المرأة النار لا تقترب منها كثيرا وكن على حذر من تقلباتها .. اذا اقتربت كثيرا أحرقتك وإذا ابتعدت كثيرا افتقدت حرارتها، والمهم ان تبقى دائما بين بين فلا، هى أحرقتك ولا أنت افتقدت دفء مشاعرها.
أما المرأة النور فهى مخلوق سماوى يسير على الأرض، ولكنه يمتد إلى ابعد نقطة فى السماء إن لها روحا تتجاوز حدود البشر وهى تحب الحياة وتحب كل شئ فيها وتستطيع أن تسعد كل من طاف حولها أو اقترب منها .. إنها لحظة الهداية ومنبع الضوء ومنظومة الحنان .. هذه المرأة النور تشاركك كل شىء وتجدها معك في كل لحظة وإذا غابت أظلمت الحياة وانطفأت أضواء الكون.
أما المرأة الرماد فهى امرأة قليلا ما تشعر بوجودها، إنها معك وليست معك ولا تجد لديها شيئا فلا هى النار التى تمنحك الدفء ولا هى النور الذى يمنحك الهداية .. إنها كائن موجود ولكنه لا يترك أثرا، تقضى معها الساعات والأيام بل السنين ولا يبقى منها شئ تذكره .. إنها رحلة قطار عابرة ترى فيها وجوها ولا يبقى أمامك وجه واحد بعد أن يصل كل إنسان إلى محطة الوصول .. كانت في الأصل حريقا وهدأت وكانت نوراً وانطفأت ولم يبق منها غير بقايا رماد وفى الرماد أحيانا نجد شيئا من ذكرياتنا التى احترقت وخلفت بعدها تجارب تفيدنا في رحلة الحياة .
قالت : وهل هناك امرأة استثنائية ؟
قلت : نعم إنها امرأة جمعت النار والنور والرماد .. أحيانا تراها جمرا مشتعلا وتشعر معها بأنها الحياة وأحيانا تراها نورا وتضئ أمامك الأشياء وأحيانا تراها هادئة مستكينة سعيدة راضية بكل شئ فتشبه الرماد، وإذا أحبت خرجت منها البراكين وانطلقت الزلازل واشتعلت النيران وتلمس النار بيديك وتراها قد تحولت إلى نور .. وتهدأ كل الأشياء بينكما فترى النار رمادا ولا تدرى من منكما احترق