فاروق جويدة
من أصعب الأشياء أن تجد نفسك أمام امرأة غاية فى الجمال ثم تكتشف حين تتكلم انك أمام وجه من الجليد إنها تشبه تماثيل الشمع فى المتاحف،
إن الصوت بلا دفء والعيون بلا بريق..والكلام بلا معنى..وتشعر أن شيئا ما انتزعك من سماء صافية وأرض دافئة إلى عالم سحيق من البرودة أحيانا تحب أن ترى الثلوج وتشعر بها بعض دقائق ولكنك لا تتحملها كثيرا، ومن أسوأ الأشياء ان يطل الجمال ويغيب الدفء وتتسع مملكة الالوان وتنتشر أشباح الزيف.. هناك امرأة لاتتمتع بجمال صارخ ولكن ذكاءها يفوق كل أشكال الجمال، أن روحها تحلق فى سماء أبعد.. ومشاعرها تتجاوز حدود ما يشعر به الآخرون..وقليلا ما يجتمع جمال الوجه وجمال الروح لأن للروح مناطق أخرى غير ما عرفت لغة الجسد..والأجساد فانية ولكن الأرواح هى الباقية وهذا سر من الأسرار الغامضة فى حياة البشر..أن الروح هى التى ستبقى تقاوم الزمن وتتحدى الفناء ولا أحد يعرف أين تسكن الأرواح لإنها سر الخالق سبحانه وتعالى وما أصعب أن تجد امرأة رائعة الجمال فإذا تكلمت هبطت على رأسك كل الوان الحجارة..ولهذا لاتأمن لكل وجه جميل فقد تكتشف أن وراء هذا الوجه تلألأ من الجليد، أحيانا تجد امرأة لا تملك من الجمال إلا القليل وتكتشف أن فيها سر من الأسرار.. فقد عوضها الله عن غياب الجمال أشياء أخرى..أن لها سحر خاص ولا تدرى من أين جاء..والخالق سبحانه وتعالى وزع الأشياء على خلقه ما بين الجمال والذكاء والقبول..والحظ مع الذكاء أفضل والملامح مع القبول أصفى وأكمل واذا اجتمع الثلاثة فى شخص واحد فهذه معجزة السماء..أن للجمال إشعاعا لا تنكره العين..وللذكاء بريقا يشع فى كل مكان..أما القبول فهو سحر خاص لا احد يعرف من أين يجئ وكيف يسكن الملامح..ولأننى لاأحب الثلوج ولا احتمل برودة الأشياء فإن ثلوج المرأة تتحول أحيانا إلى ضباب كثيف لا نرى منه شيئا..والجليد عندى يشبه الموت وجليد المشاعر يذكرنا دائما بلحظات صمت ابدية..واذا كان جليد الطبيعة يذوب فى بعض الفصول فإن جليد البشر يحاصر كل شىء فى الحياة.