فاروق جويدة
رحل الشاعر الكبير محمد التهامى آخر ما بقى من أجيال المدرسة التقليدية العريقة في الشعر العربى ..كان شاعرا متميزا بكل المقاييس حيث رصانة اللغة وفصاحة البنيان ..
وكان رحمة الله عليه يجيد إلقاء شعره بصوته الجهورى وعباراته المجلجلة التى كم أثرت وجدان الجماهير ومسامعها كان دائما شديد الود مع أصدقاء مشواره وارتبط بعلاقات حميمة مع فرسان القصيدة العمودية رامى وصالح جودت واحمد هيكل وقد اختار دائما موقفا لم يتغير في دفاعه عن القومية العربية وقضايا الإنسان العربى وكان شديد التعصب للقصيدة التقليدية مدافعا عن اللغة العربية الفصحى وخاض معارك كثيرة بسبب ذلك..وقد دخل في صراعات طويلة مع قصيدة النثر وكان يرفض كل ألوانها وكل شعرائها ولا يعترف بها .. منذ فترة طويلة غاب محمد التهامى وحين سألت عنه عرفت انه يمر بظروف صحية صعبة بعد أن طال به مشوار المرض ومشوار الحياة .. وقد تولى التهامى مناصب كثيرة فى الصحافة وجامعة الدول العربية وان بقى الشعر قضية عمره وحياته..وقد تناول في شعره موضوعات كثيرة خاصة قضايا العروبة والإسلام حيث دافع كثيرا عن حلم الوحدة العربية وقضى سنوات عمره مدافعا عن هذا الحلم وكان من أكثر الشعراء العرب الذين تغنوا بالإسلام الدين والعقيدة..وقد حصل التهامى على جوائز كثيرة في مصر والعالم العربى وان بقى حلمه في الحصول على جائزة النيل حلما مؤجلا كان محمد التهامى شديد الود مع اصدقاءه من الشعراء كثير الرفض لكل ما يتعارض مع قواعد واصول الشعر العربى بتقاليده وأوزانه ولغته.. وفى فترة من الفترات كان التهامى من اقرب اصدقاء أم كلثوم وكان يقرأ معها الشعر ويختار معها ما تغنى منه ومع رحيل محمد التهامى تفقد القصيدة العربية الرصينة واحدا من فرسانها الكبار وصوتا من الاصوات التى دافعت عن حلم قديم يسمى الوحدة العربية وقد بقى وفيا لهذا الحلم حتى آخر أيام حياته شعرا وموقفا وتاريخا..كان التهامى أخر الأشجار العتيقة والعريقة في حديقة القصيدة العمودية التى مازالت تواجه عواصف الحداثة.