فاروق جويدة
لا احب الكلاب كثيرا وان كنت قد سمعت قصصا كثيرة عن وفائها حتى أن العرب قديما كانوا إذا مدحوا انسانا قالوا انه يشبه الكلب في وفائه..
ويبدو ان الإنسان يعود الآن إلى طبيعته الاولى في التوحش والقتل ويستخدم الاساليب القديمة في الذبح والتشويه..وهذا شىء غريب على الحضارة حين تتوحش وتتراجع فيها قيم الإنسانية..ان المذابح التى نشاهدها الآن على الشاشات تؤكد اننا أمام كائن جديد غير الإنسان الذى تعلم وتثقف وابدع وفى احيان كثيرة كنت اسأل نفسى عن مصير الإنسان وسلوكياته وجبروته لو ان الأديان السماوية، لم تهبط على الأرض وتتحدث عن القيم والاخلاق والخير والعدل والجمال.. كنت اقول ما هى صورة الإنسان لو لم تكن هناك احاديث عن عذاب القبر والجنة والنار وكل هذه الصور التى جاءت في الكتب السماوية وما هى صورة هذا الإنسان بعيدا عن الأديان اذا كانت هذه المعجزات الإلهية لم تمنعه من ارتكاب ابشع الجرائم وأسوأ السلوكيات، ما هى صورة الحياة وسط هذا التوحش وهذه الغوغائية أن الشىء الغريب إن الحيوانات في أحيان كثيرة تكون أكثر إنسانية في سلوكياتها من الإنسان نفسه..أن الكلب يموت دفاعا عن صاحبه وقليلا ما يموت إنسان من اجل صديقه..وهناك حيوانات لا تأكل الحيوان الميت..والبشر يأكلون لحوم بعضهم احياء..والطيور لا تسكن عشش غيرها وتفضل أن تبنى أعشاشها والبشر يخربون بيوت بعضهم ولا يمانعون في أن تقام سعادتهم على أشلاء الآخرين كنت اسمع قديما في قريتنا ونحن صغار أن كلبا ظل يبكى على قبر صاحبه ولم يأكل شيئا حتى مات..وان كلبا سافر آلاف الأميال واكتشف جثة صاحبه الذى قتل في إحدى الغابات في كندا..وان كلبا آخر ظل ثلاثة اعوام يذهب إلى محطة القطار ينتظر صاحبه الذى مات في الحرب في ايطاليا حكايات كثيرة سجلها تاريخ الكلاب ولهذا احزن كثيرا حين نصف إنسانا بأنه كلب لأن الكلب لا يستحق هذه الاهانة . أليس غريبا ان تصبح دنيا الكلاب أكثر رقيا وترفعا وسلوكا من دنيا البشر . الكلاب لا تذبح بعضها.