فاروق جويدة
حين يعلن د. اشرف العربى وزير التخطيط ان 800 ألف موظف تم تعيينهم فى الحكومة بعد ثورة يناير فينبغى أن نسأل من هم هؤلاء وما هى الجهات والمؤسسات الحكومية التى قامت بتعيين هذا العدد وما هى قدرات هذا العدد من البشر وماذا اضاف لمنظومة العمل الحكومى فى الدولة.
أن هذا يعنى أن الشباب كان يتظاهر فى التحرير بينما مؤسسات الدولة والمسئولون فيها مشغولون بتعيين أبنائهم وأقاربهم فى زحمة الأحداث ..وحين يقول وزير التخطيط إن فى مصر 6.5 مليون موظف كلهم أقارب فعلينا أن نسأل وماذا عن مواد الدستور التى تتحدث عن تكافؤ الفرص والمساواة بين أبناء الشعب الواحد .. هناك ملايين الشباب المتفوقون الذين يجلسون على المقاهى ويدورون فى الشوارع تسحقهم طوابير البطالة ..وهناك المتفوقين الذين ترفضهم المؤسسات المهمة فى الدولة تحت شعار غير لائق اجتماعيا هذه الوصمة التى طاردت أجيالا كاملة وجعلت البعض منهم ينهى حياته انتحاراً امام مجتمع افتقد العدالة والرحمة إذا كان موظفو الدولة من الأقارب فهذا يؤكد ان توارث البيروقراطية المصرية العريقة دخلت فيه الجينات ولم يعد فقط مجرد خبرات أو تجارب مشوهة .. يجب اجراء فحوص وراثية على كبار الموظفين فى أجهزة الدولة لكى نحدد أنواع الفيروسات التى اصابت الجهاز الادارى وأدت بنا إلى حالة التخلف التى نعيشها وكيف ستنتقل هذه الفيروسات إلى الأجيال القادمة بحكم الوراثة .. فى كل أجهزة الدولة المصرية الآن تجد ثلاثة أجيال متعاقبة الجد والاب والحفيد واذا أردت ان تعرف هذا التسلسل عليك ان تقرأ صفحة الوفيات لكى تجد الأسرة كلها تعمل فى مكان واحد فى القضاء والبترول والإعلام والشرطة والمواقع السيادية والبنوك والخارجية وكل حفيد يرث جده وأباه ثلاثة اجيال توارثت كل أمراض البيروقراطية.. سوف نحتاج وقتا طويلا حتى تتخلص مصر من فيروسات توريث الوظائف وسوف نحتاج إلى مصحات نفسية لنعالج فيها البسطاء المتفوقين الذين لم يجدوا فرصة عمل لأنهم غير لائقين اجتماعيا وعلينا أن نعالجهم من الاكتئاب والإحساس بالظلم .. قليل من الرحمة والعدالة يجعل الحياة أجمل.