فاروق جويدة
بعض الناس يتصور أن السعادة أن أغلق الأبواب على نفسى وأبنى قصرا جميلا وأصنع جنة صغيرة اسكنها وتسكننى
ولا يعنينى بعد ذلك حجم الخرائب التى تحيط بالقصر وملايين التعساء الذين ينتظرون لحظة فرح لا تجىء..والبعض الآخر يتصور ان السعادة سلوك انسانى رفيع فيه المشاركة والإحساس بالآخرين ولك أن تتصور نفسك وأنت تضع أمامك كميات رهيبة من الطعام وأنت تجلس وحيدا وحولك آلاف البشر ينظرون إليك من بعيد وبينهم من لم يذق الطعام منذ أيام، وهناك من كان يفتش عن البقايا في صناديق القمامة بينما أنت تسبح وحيدا في كل هذا الطعام..تصور انك جمعت الملايين وكدستها في البنوك وأنت تعلم أن هناك الملايين من البشر كانوا شركاء لك بالجهد والعمر والصحة وانك أخذت الصفقة وهربت..تصور انك في لعبة واحدة أمام نظام فاسد حصلت على ما لا تستحق وأخذت ما أخذت بالتحايل والباطل..تصور أن مسئولا كبيرا اغدق عليك مالا حراما لأنه كان لصا كبيرا وانك جمعت هذا المال وليس لك حق فيه..هل يمكن أن تشعر بالسعادة وأنت تنام على تلال من المال الحرام..هل يمكن أن تشعر بلذة في طعام جاء من دم أطفال يتامى وأمهات ثكالى وانك سرقت عمر الآخرين لتقيم جنتك الصغيرة على أطلالهم..هل يمكن أن يكون ذلك مصدرا للسعادة أحيانا أشاهد من بعيد هذه القصور الفارهة وحولها خرائب العشوائيات وأقول كم من الأبرياء يسكنون هذه العشوائيات وكم من المواهب الحقيقية ضاعت وسط هذه الخرائب بينما يسكن المغيبون والمدمنون واللصوص هذه القصور..أن أهم شروط السعادة الحقيقية هى العدالة والمجتمعات التعيسة هى التى ماتت فيها قيم العدالة ومهما جمع الإنسان من المال والجاه والمناصب فلا بد أن يجلس مع نفسه ويسألها كم بريئا ظلمت وكم صاحب حق ضيعت وكم من المال نهبت وكم من الضلال شيدت وانظر إلى ثمار رحلتك المرة..وفى آخر المشوار حاول أن تكفر عن ذنوبك وتقدم شيئا من حقوق الآخرين لديك واسأل عن عمال طردتهم وأطفال شردتهم وأموال جمعتها بالحرام السعادة لا يمكن ان تقوم على تعاسة الآخرين.