الحب فى الزمن الحرام

الحب فى الزمن الحرام

المغرب اليوم -

الحب فى الزمن الحرام

فاروق جويدة


لو أن وجَهكِ زارنى من ألف ِعامْ لتبدلَتْ سُنن الحياةِ .. وفاضتْ الأنهارُ .. وانْطلقتْ حشودُ الشمس .. وانكسرَ الظلامْ لو أَن وجهَكِ طاف كالصلواتِ فى عمرى
وطَهّرَنى من الآثامْ

لو أننى قدرٌ من الأَقدارِ جئتُكِ عاتباً

ودعوتُ للأرضِ السماحةَ والسلامْ

وأعدتُ للدنيا زمانَ الحبِ موصولاً

وأسكنتُ الصغارَ حدائقَ الأحلامْ

لو أننى يوماً صحوتُ ..ولاح لى

نهرٌ من النور المعتَّق أسكر الدنيا

وسافرَ خلفَ أجْنحة ِالغمامْ

كيف انتزعتِ الصبرَ منى ؟!

كيف أرقنى بُعادكِ ؟

كيف أَشقانى مع البُعْدِ الغرامْ؟!

>>>

لو أَن وجهك زارنى من أَلْف عامْ

لغَدوْتُ فى صحراءِ هذا الكونِ

سِرْباً من طُيورِ العِشق ِ..

عُشاً للبراءة ِ.. واحةً بين الأَنامْ

قد عُشتُ قبلَكِ أَلفَ عام ٍ

لا تساوى ليلةً ..

هدأتْ جراحُ العُمرِ فيها

واهتدى قلبى ونَامْ

لو أَن وجهكِ زارنى

وأَنا جوادٌ جامحٌ

يعلوُ صهيلىِ .. والمدى حولى

حطامٌ فى حُطامْ ..

الكونُ يَنزِفُ فى عيونى ..

لم يعُد فى الأرضِ شبرٌ

لم تُمزقَّهُ السهامْ ..

والحبُ فى الطرقاتِ يصرخُ باكياً

طفلٌ برئٌ تاه فى الزمنِ الحرامْ

تتناثَرُ الأَشياءُ حَوَلى ..

لا ارى وَطَناً .. ولا زمناً ..

فكلُ الكونِ مَسْخٌ ..اوضلالٌ وانقسامْ

قد عشتُ قَبلكِ أَلفَ عامٍ

كُلُّهَا زمن حرامْ

مالٌ حرامْ ..

عمرٌ حرامْ

قتلٌ حرامْ

مَنْ يُطَهَّرنُا من الزمنِ الحرامْ

الكونُ يغرق فى بِحارِ البؤسِ ..

والدُّنيا رُكامْ

والآن حين تَزوُرنى الأَحلامُ ثَكْلَى

أُغمِضُ العينينِ فى حزنٍ..

وقَلْبى لا ينامْ ..

قد ضاع منى فى الزحامْ

>>>

لو أَن وجَهكِ زارنى من أَلف عامْ

فى دِفءِ صدركِ ..

أَقرأ الأَشياءَ سطراً بعد سطرٍ ..

لا يتوهُ الحرفُ منى .. لا يُسَاوِمنى الكلامْ

عيناكِ أولُ جملةٍ فى العشق ِ

آخرُ جملةٍ فى الشوقِ

أَجملُ ما رَوَتْ عيناى من شعرِ الغرامْ

عيناكِ تُنقِذُنى

إذا اقتحمتْ حشودُ الموتِ بيتى

وابتداَ الطوفانُ.. وارتفعتْ جبالُ الموجِ..

وانتشرَ الظلامْ

عيناكِ إيمانٌ بلونِ الطهرِ ..

فى زمن النخاسةِ والدمامِة والفصامْ

كيف ارتوتْ بالضوءِ أَيامى

وقد صلَّيتُ فى محرابِ حبكِ

ما كفرتُ وما ضللتُ .. وكنتِ لى

زمناً من الأَحلامِ بدَّدَ وَحْشةَ الأيامْ

ياليتنى يوما رأيتكِ

قبل أَن تأتى الحروفُ ..

وتعرفُ الأرضُ الحلالَ من الحرامْ

كنتُ انتزعتُ القتلَ من سُننِ الحياةِ

أقمتُ للعشاقِ مملكةً .. قصوراً من وئامْ

وتركتُ عمرى فى يديكِ سحابةً

تَمْضِى وتمطرُ كلما شاءتْ

وتغسلُ كل أدران ِالعداوةِ والخصامْ

كنتُ انتزعتُكِ من ترابِ الناسِ ..

من عفنِ النفوسِ .. وباعةِ الأوهامْ

زمنُ يعربدُ فى الصَّغار ِ

ويخنُق الأَحلامَ فى الأَرحامْ

كُونِى نشيدا للحيارى ..

كلما رحلت طيورُ الحبِ ..

وانسحقت مع الزمن الطريدِ

مواكبُ الأَنغامْ

كونى البدايةَ والنهايةَ ..

قبل أَن تسطُو على الروضِ الجميلِ

خرائبُ الأيامْ

إن عزَّت الُّلقيا على أَطلالِ روضتنا

تعالىْ كى نسطرَ فى كتابِ العشقِ

أُغنيةَ الختامْ ..

>>>

لو أَن وجهَكِ زارنى من ألفِ ِعامْ

كنتُ اكتفيتُ ببعضِ أيامى ..

ولم أَسأل على ما ضاع منى

بين جلَّادٍ حقيرٍ .. وانتقامْ

ماذا يُساوى العمرُ

حين يصيرُ أشباحاً على الطرقاتِ

حين يصيرُ لونُ الصبح دَمًّا ..

حين تحملُنا سفائنُ من حُطامْ

سامحتُ فيكِ الكونَ رَغمَ ضلالِه

وجعلتُ وجهك قبلةَ العشاقِ

فى الزمنِ الحرام ْ

قد عشتُ أَحمل وَجْهَ تمثالٍ جميلٍ من رُخامْ

قد كان يؤنسنى إذا غابت

طيور الحبِ والإلهامْ

قد عاش ينقصه الكلامْ

قد عشتُ ينقصنى الكلامْ

عشنا ومتنا وانْقضَتْ أيامُنا الثكلى

عبيدَ الصمتِ والغوغاءِ .. والأصنامْ

حين انْتفضنا لم نجد زمنا يساندنا

فَكَان الدمُّ والموتُ الزؤامْ

>>>

لو أَن وجَهكِ زارنى من ألف عامْ

كنتُ اكتفيتُ ببعضِ أَيامى

وودعتُ الحَنينَ وغربةَ الأحلامْ

كنتُ اكتفيتُ بوجهكِ المرسوِم ..

من زمنِ البراءة ِ

وانتزعتُ العمرَ ..

من زمنِ البلادةِ والنخاسةِ والنيامْ

كنتُ ارْتضيت بِأَن أُقايض كلَّ أَيامى

وأُلْقى ما تبقى من زمانِ العجزِ

فى هذا الركامْ..

>>>

لو أن وجهك زارنى من ألف ِعامْ

لو أَننى قيسُ

أزورك كلما جاءَ المساءُ

وطافتْ الغزلانُ حولى

وانتشى سِربُ الحمامْ

لو أن ليلى طاوعتنى مرةً

واستسلمتٌ للدفء فى صدرى

ونامتْ مثلما نام اليمامْ

ومضت تفتشُ فى نجومِ الليلِ

عن فرسٍ ترجل قامةَ الصحراءِ

فى شوقٍ وهامْ

لكنها رحلت لأَن العشقَ

فى أوطاننا ثأرٌ.. وقتلٌ.. وانتقامْ

منذ افترقنا والمدى حول القبيلةِ

فالُ شؤم وانقسامْ

هى لم تخن يوما

ولكن القبيلةَ أهدرتْ دمنَا

وصِرْنا قصةَ العشاقِ فى الزمنِ الحرامْ

>>>

لو أن وجهكِ زارنى

وأنا أصلى الفجرَ فى قبر الحسينِ

وساحةُ الميدانِ تبكى

جوعَ أطفالٍ نِيَامْ

أكلوا الترابَ

وقبل أن تغفو العيونُ

ترنحوا كالصمتِ وارتفع الصراخُ ..

وغاب ضوءُ الصبحِ فانتفض المَقامْ

كانت دموعُ الناسِ تصرخ

خلف دعوات الإمامْ

صليتُ بعضَ الوقتِ .. ثم بكيتُ

ثم لَمَحْتُ وجهَك ِ

فوق قنديلٍ حزينٍ

يشتكى طولَ الظلامْ

وهوتْ على وجهى شظايا الليلِ

والأَطفالُ أكوامُ من اللحمِ الرخيصِ

تدوسه الأَقدامْ

قبرُ الحسين يضجُ بالأطفالِ

يلعنُ كل من حرموا الصغارَ

الحق فى بيتٍ وفى أمنٍ

وشىء ٍمن طعامْ

ناموا جياعاً يلعنون الفقرَ

فى زمنِ الغوانىِ .. والموالى واللئامْ

نامَ الصغارُ على الضريح ِكأنهم موتى

كأن الأرض قبرٌ ..

والمدى الزمنُ الحرامْ

الله يلعنُ كل أزمنةِ ِالحرامْ

>>>

لو أن وجهك زارنى من ألفِ عامْ

كانت مدينتنا تلملم جرحَها

وصحائفُ التاريخ ترسمُ بالهوانِ

فضائحَ الحكامْ

سرقوا الشعوبَ وضيعوا الأوطانَ ..

واغتسلوا بدمِّ الناس فى البيتِ الحرامْ

كانوا عرايا يرفعون ملابسَ الإحرامْ

كذبوا علينا..

فرطوا فى الأرضِ.. فى الأعراضِ..

فى لبن ِالصغار ِوحرمةِ الأيتامْ

الموت يرتعُ فى الشوارعِ ..

والمجازرُ فى البيوتِ ..

وكلّ جلادٍ يضاجعُ شعبه

ويقومُ يسكرُ قبل أن ينوى الصيامْ

ماذا يساوى العمرُ

والأوطانُ تسحقها حشودُ الجهلِ والإظلامْ؟!

رفعوا المصاحف

والدماءُ تسيلُ من يدهم

تُلوث بالضلالِ طهارةَ الإسلامْ

>>>

لو أن وجهك زارنى من ألف ِعامْ

لاشىء فى الدنيا تغير

عادت الغربانُ تنعقُ

فوق أبراج الحمامْ ..

رحل الجميعُ وساحةُ الميدان خاليةٌ

عيونُ الناسِ زائغةٌ

وفى الطرقاتِ أشلاءُ الخيامْ

كانوا هنا يوماٌ

وطافوا الكون فوق سفائن الأحلامْ

حريةٌ .. وعدالةٌ .. وكرامة ٌ

وحقوقُ شعبِ ضاعَ بين الجهلِ والأوهامْ

كانت مياهُ النيلِ تقتحمُ الشوارعَ

تنقذُ الأشجارَ من عطشِ السنينِ

تهزُ أرجاء ِالمآذن ِوالكنائسِ

ترفع الصلواتِ تُسقط ُ فى الظلام مواكبَ الأصنامْ

وعلى الرصيفِ تُطل أفئدةٌ واحلامٌ ..

وعمرٌ ضاع فى صخبِ الخيانةِ والزحامْ

وأطَلّتْ السَّوْءاتُ فوق وجوهنا

وتدفق العفنُ القديمُ

يدقُ أعناق المدينةِ

يجرفُ الأطفالَ ..

يهتكُ حرمةَ الأرحامْ

مازالتْ الجدرانُ تبكى ما جرى

وتقول هذى الأرض قد خرجتْ

وقامت تلعن الزمنَ الحرامْ

وترفضُ المالَ الحرامْ

وتلعنُ الدمَّ الحرامْ

الأرض تذكر كل من عبروا هنا

ضوءَ الملامح ..صحوةَ الحلم المكابر

ثورةَ الشرفاءِ فى الزمنِ الحرامْ

الأرضُ تذكرُ لحظةً

كانت بكل العمر

فى نُبْلِ العناد ونخوةِ الأقدامْ

ستظل تذكرُ شهقةَ القلبِ الجريحِ

ولوعةِ الدمَّ المراقِ..

تعثرَ النبضاتِ

آخرَ ركعة فى كعبة الأحلامْ

وعلى المفارق نامت الأشلاءُ

وارتاحتْ على الأرضِ العظامْ

فاقرأْ.. على الشهداءِ فاتحةَ الرحيلِ

وقلْ على الأرضِ السلامْ

>>>

لو أَن وجهك زارنْى من ألف ِعامْ

كنتُ اكتفيتُ بليلةِ فى العمرِ تجمعنا

وتسقطُ بعدها الأَيامْ

لكننا جئنا مع الزمنِ الحرامْ

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحب فى الزمن الحرام الحب فى الزمن الحرام



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

GMT 21:25 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الفعل السياسي الأكثر إثارة

GMT 21:22 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

سألوا الناخب.. فقال

GMT 21:20 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ديمقراطية على المحك!

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:38 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
المغرب اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 13:35 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 08:31 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طلاب فلسطنيون يشيدون بدعم الملك محمد السادس للتعليم في غزة

GMT 15:30 2024 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

مانشستر يونايتد يتطلع إلى التعاقد مع الألماني توماس توخيل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib