فاروق جويدة
زيارة الوفد الروسي رفيع المستوي القاهرة سوف تغير حسابات كثيرة في خريطة العلاقات الخارجية المصرية..وزيرا الدفاع والخارجية وعدد من الخبراء والمستشارين ورئيس شركة الأسلحة الروسية هذا الوفد يحمل اشارات كثيرة.
.انه بكل تأكيد يمثل ردا سريعا علي موقف الإدارة الأمريكية من قضية المساعدات العسكرية لمصر وانحيازها الشديد لجماعة الإخوان المسلمين ضد إرادة الشعب المصري..إن امريكا لم تعترف بالملايين التي خرجت يوم30 يونيو تطالب برحيل الإخوان عن السلطة..لا احد يعرف حتي الآن ابعاد الاتفاقات السرية بين امريكا والإخوان خاصة التنظيم الدولي للجماعة والدور الذي لعبته تركيا ورئيس وزرائها الطيب اردوغان..ولكن امريكا لم تتردد في ان تكشف موقفها من ثورة المصريين وسارعت بوقف المعونة العسكرية رغم انها ارتبطت بشدة باتفاقية السلام مع إسرائيل..ان عودة العلاقات المصرية ـ الروسية بهذه الصورة وهذه السرعة تمثل تغيرا كبيرا في المنطقة..ان المياه الدافئة تمثل حلما قديما للروس استمر اكثر من ثلاثين عاما.. وكانت هناك علاقات قوية امتدت سنوات بين الاتحاد السوفيتي السابق ودول عربية كثيرة كان منها مصر وسوريا والعراق والجزائر فهذه الدول كانت تعتمد فترات طويلة علي السلاح السوفيتي وانتصرت به مصر في حرب أكتوبر73, كما ان مصر اقامت السد العالي بالتعاون مع الإتحاد السوفيتي حين قررت الإدارة الأمريكية وقف تمويله.. ان روسيا اليوم ليست الاتحاد السوفيتي الذي رحل في الفكر والإمكانيات ودرجة التقدم ولهذا فإن الروس قادرون الآن علي دعم الاقتصاد المصري في جوانب انتاجية كثيرة..ومازالت روسيا من اكبر الدول الموردة للقمح في العالم وفي قواتنا المسلحة تاريخ طويل لاستخدام السلاح السوفيتي بكل انواعه..لم تدرك الإدارة الأمريكية حساسية اللحظة التي يعيشها الشعب المصري وهو يخوض حربا ضد الإرهاب والتطرف باسم الدين كما ان الأعباء الاقتصادية التي فرضتها ظروف الثورة علي الاقتصاد المصري كانت تستحق دعما اكبر من الإدارة الأمريكية وحلفائها في الغرب ولهذا فإن الشعب المصري لن ينسي الأيدي التي امتدت له في هذه المحنة وللمرة الثانية يؤكد الروس صدق العلاقات مع المصريين رغم كل ما حدث من جفاء في سنوات ماضية.
نقلًا عن "الأهرام" المصرية