فاروق جويدة
إذا اردت ان تعرف إنسانا فابحث عن مناطق الجد والهزل في حياته..وإذا اردت ان تعرف شعبا فابحث عن اهم القضايا التي تشغله فإذا وجدت الهزل اصبح جدا والجد اصبح هزلا فاقرأ الفاتحة.
.حاول ان تطبق ذلك علي ما يجري في حياة المصريين وابحث عن القضايا الجادة ومنها متي ينتج المجتمع المصري..متي يتصدر العقلاء والحكماء مسيرة الوطن ابتداء بالإعلام وانتهاء بما يجري في الشارع..متي يعود الاستقرار ويهدأ الشعب قليلا ويستعيد قدراته ويبدأ مشواره مع التقدم.. علي الجانب الآخر حاول ان تستعرض اهم القضايا التي شغلت المصريين اخيرا ابتداء بالألتراس وهزيمة غانا الثقيلة وانتهاء بخطب الجمعة التي ادخلت الرياضة في السياسة في مظاهرات الإخوان وبعد ان كان المصريون يتحدثون عن العدالة والحريات والكرامة الإنسانية فقد انقسمت حشودهم الآن حول برنامج تليفزيوني فكاهي وبدلا من ان تتوحد صفوفهم لمواجهة الانقسام في الشارع ومحاربة الإرهاب في سيناء والوقوف مع جيش يحارب انظر الي ساحات النت والفيس بوك لتشاهد وتقرأ البذاءات والشتائم وقلة الأدب..اقرأ اعمدة الصحف والمانشتات وبرامج التوك شو علي الفضائيات وماذا اخذت معارك سيناء فيها لتعرف الجد من الهزل في حياة المصريين الذين خلعوا رئيسين وقاموا بثورتين وكانوا حديث العالم وفي النهاية فرقتهم بعض المشاهد الفكاهية ونسوا كل ما كان..يخيل الي احيانا اننا وبعد فترة قليلة سوف نكتشف انه لن يوجد مواطن مصري واحد يقبل ان يحتل منصبا او يتحمل مسئولية قرار..حين تسقط الشعوب كل رموزها وتحطم كل القيم والثوابت وتسود فيها الغوغائية تحت شعارات الحرية الكاذبة وحقوق الإنسان فلن تجد في يوم من الأيام رجلا يقبل علي نفسه ان يكون ملطشة لمن يساوي ومن لا يساوي تحت دعاوي الحريات..نحن امام دولة تحارب سنوات من التخلف الفكري والثقافي والحضاري وامام نماذج بشرية مريضة تحتاج الي مصحات نفسية وامام ظروف اقتصادية واجتماعية في غاية القسوة وكل دقيقة تمر علينا تسرق من عمرنا حلما..وبعد ذلك كله لم يبق امامنا غير ان نتصارع كل يوم ولا نفرق بين الجد والهزل..في سيناء ابطال يستشهدون وفي القاهرة إعلاميون يهرجون.