فاروق جويدة
لم يكن هناك مواطن مصرى واحد يتصور ان يعيش حتى يرى امامه رئيسين مصريين خلف القضبان. مهما كان شطط الخيال فقد كان امرا مستحيلا ان نجد فى وقت واحد اثنين من رؤسائنا فى السجون احدهما حكم ثلاثين عاما والآخر حكم عاما واحدا. ومن اندر الصفحات فى تاريخ مصر قصص الحكام. ومن الصفحات المذهلة فى تاريخنا هو سلاطين المماليك فى الدولتين البحرية والبرجية وحكم فيها 55 سلطانا وتفاوتت سنوات الحكم بينهم هناك من حكم عشرات السنين وهناك من حكم ليلة واحدة وهو السلطان خير بك، الذى لقب نفسه بالسلطان الظاهر وتولى الحكم فى منتصف ليلة من عام 1467 وعند الصباح كان خارج السلطة تماما وقد فكرت يوما ان اكتب عنه مسرحية تحمل عنوان "رئيس لليلة واحدة". أما السلطان سيف الدين بلباى فلم يمكث فى الحكم اكثر من 56 يوما وكان فى السبعين من عمره ولم يستطع ان يكمل زواجه من الزوجة الرابعة وكانت شابة صغيرة فى قمة الجمال وقضى بقية حياته فى احد سجون الإسكندرية بعد عزله، وهناك علاقة غريبة بين مسلسل تركى عرض فى مصر اخيرا وهو "حريم السلطان" يتناول حياة السلطان سليمان القانونى وهو من اشهر السلاطين الأتراك واكثرهم شهرة فى العالم وكانت له قصص وحكايات مع سلاطين مصر لم يذكرها المسلسل، ويبدو ان السلطان اردوغان رئيس وزراء تركيا الحالى قد تأثر كثيرا بتاريخ اجداده السلاطين الذين حكموا الكنانة اكثر من 400 عام فقد دخل السلطان سليم مصر فى عام 1517 وبقى الحكم العثمانى حتى سقوط الإمبراطورية العثمانية وتوزيع الدول العربية فى معاهدة سايكس بيكو فى عام 1916 بين انجلترا وفرنسا. ان المأساة الحقيقية التى نعيشها الآن ان لكل رئيس فريقا من مشجعيه وحوارييه وفلول نظامه ومنذ شهور قليلة كان البعض يحمل لافتات تقول "بنحبك يا ريس" وهناك فريق آخر فى الشوارع الآن يحمل نفس اللافتات مع اختلاف الظروف والأحداث والشخصيات كل يحب على طريقته وهواه ومصالحه.