فاروق جويدة
يبدو ان مصر نسيت رموزها العظيمة التي منحتها الجلال والمهابة.. لم يعد المصريون يتذكرون الكتاب والفنانين والمبدعين الكبار الذين رحلوا.. في زحمة السياسة والصراعات والمعارك غابت اسماء كثيرة واختفت وراء سحابات النسيان حتي ذكري ميلادهم ورحيلهم لم تعد تهم أحد.. نسي الإعلام المصري كل رموز هذا الوطن. تذكرت قصة سمعتها من كاتبنا الكبير الراحل توفيق الحكيم.. قال: سافرت يوما انا وطه حسين لقضاء الأجازة الصيفية معا في سويسرا واقمنا معا في فندق صغير علي إحدي البحيرات الشهيرة في جنيف.. وذات يوم سألني طه حسين الا توجد صحف مصرية هنا, قلت له انها قليلة للغاية وتأتي بأعداد محدودة فقال طه حسين: حاول ان تشتري احدي هذه الصحف لكي نتابع اخبارنا فيها.. وكنت كل يوم اشتري صحيفة واقرأ لطه حسين آخر الإخبار وقضينا اسابيع في الأجازة وذات يوم سمعت طه حسين يقول الم تلاحظ يا توفيق انه لا يوجد خبر واحد عنا طوال الفترة الماضية حتي غيابنا لم يحرك ساكنا وإذا كان هذا يحدث ونحن احياء فماذا سيحدث بعد ان نموت.. يا توفيق المصريين ينسون.. هذه الرواية سمعتها من سنوات ويبدو انها حقيقة فقد غابت كل هذه الأسماء عن ذاكرة المصريين تأتي ذكري العقاد ولا يذكره احد.. وتمر ذكري وفاة توفيق الحكيم دون ان تنشر الصحف كلمة عنه وحدث هذا مع كل القمم المصرية العظيمة التي طواها النسيان واحداث السياسة.. ان المصريين الآن تائهون حائرون يهرولون خلف الأحداث السياسية ما بين الأمن والمظاهرات وأسعار السلع والأزمة الاقتصادية والمحاكمات امام القضاء..اما هؤلاء الذين اضاءوا عقولنا واثروا حياتنا فقد نسيناهم, حاول ان تبحث عن آخر مرة رأيت فيها ام كلثوم علي شاشة مصرية حكومية او خاصة وحاول ان تراجع آخر مرة شاهدت فيها حديثا لطه حسين او العقاد او الحكيم او عبد الوهاب وعبد الحليم والسنباطي هذا تاريخ مضي ونساه المصريون رغم انه اجمل الأشياء في تاريخهم وكان ينبغي ان يبقي دائما في القلوب ذكري مضيئة لزمن جميل