فاروق جويدة
من يضئ قناديل الحب والرحمة في شوارع مصر مرة أخري..من يعيد التواصل الي القلوب التي تسربت اليها اشباح الكراهية..من يعيد فرحة الجيران مع بعضهم
ويعيد النفوس الي صفائها القديم..من يزرع اشجار المحبة وسط صحراء ايامنا التي اتسعت وتحولت الي علاقات إنسانية مريضة..أسأل نفسي احيانا كيف اقتحمت عواصف الحقد والكراهية حياة المصريين وكانوا من اكثر شعوب الأرض حبا وصفاء ورحمة..من غير طعم الحياة في نفوسنا حتي وصل بنا الحال الي ان يطرد الأب ابنه ويطرد الزوج زوجته ويقتل الأشقاء بعضهم بعضا..هل هي خطايا الساسة هل هي صراعات الفكر المريض هل هي الأمية ام الجهل ام الفقر والجوع..من كان يصدق ان تسيل كل هذه الدماء في صراعات سياسية بغيضة..من كان يصدق ان تشهد شوارعنا وبيوتنا ومؤسساتنا كل هذا التخريب..من كان يصدق ان ينقسم المصريون الي اشلاء متناثرة في الشوارع والميادين..ومن لديه القدرة ان يجمع كل هذه الأشلاء ويصنع منها كيانا جديدا تدب فيه روح الرحمة والتواصل والمحبة.. اعرف اصدقاء انقطعت كل وسائل الود بينهم بسبب الخلافات السياسية اعرف اشقاء حملوا السلاح علي بعضهم بسبب انقسامات السياسة هذا إخواني وهذا سلفي وهذا مواطن عادي لم يعرف شيئا غير انه مصري.. اعرف ازواجا انفصلوا بعد عشرات السنين التي عاشوها معا من يصدق ان رجلا في سبعينيات العمر يطلق زوجته وهي في نفس عمره بسبب مشاجرة سياسية امام الأبناء انتهت بالإنفصال.. اعرف كتابا باعوا اقلامهم في كل المناسبات مع الثوار وضد الثوار ومع الفلول وضد الفلول ومع الإخوان والسلفيين وكل الإتجاهات.. واعرف كتابا لم تتغير مواقفهم مع عهود رحلت او عهود اخري جاءت, ان اشباح الكراهية التي تعبث الآن في قلوب المصريين شيء جديد علينا لأن المصري إنسان عاشق للحياة انه يحب وطنه وارضه ودينه وبيته وعمله.. ان الحب جزء اصيل من حياتنا وكان شيئا غريبا ان تظهر في مصر اشباح الكراهية وعلينا ان نتصدي لها ونقطعها قبل ان تكبر وتتحول الي امراض واوبئة اجتماعية تدمر اجمل الأشياء فينا
عيدوا مصر التي احبتنا واحببناها
نقلًا عن "الأهرام" المصرية"