فاروق جويدة
لا أجد مبررا لهذه السرعة الشديدة لإجراء انتخابات مجلس النواب.. لا أجد مبررا لإشعال المعارك والفتن في الشارع المصري فهو ليس في حاجة إلي المزيد من الارتباك والفوضي..
لقد قررت المحكمة الدستورية العليا إعادة مشروع قانون الانتخابات إلي مجلس الشوري وطلبت تغييرات جوهرية في كثير من المواد وكان ينبغي أن يعيد المجلس هذه التعديلات إلي المحكمة مرة أخري لإقرار مشروع القانون بصورة نهائية.. ولكن مجلس الشوري رفع مشروع القانون إلي رئيس الدولة الذي وافق عليه ثم أصدر قرارا بفتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية دون مراعاة لحق المحكمة الدستورية في الإطلاع علي القانون قبل إقراره.. أن مثل هذه الإجراءات السريعة وغير المفهومة تطرح تساؤلات كثيرة عن السبب في ذلك كله.. إن هذه السرعة تهدد شرعية ودستورية الانتخابات القادمة ولن يكون غريبا أن يأتي مجلس النواب الجديد في ظل إجراءات باطلة ويصدر حكم بالإلغاء.. والأخطر من ذلك أن تجري الانتخابات والشارع المصري يشهد حالة غليان غير مسبوقة ما بين المظاهرات والعصيان المدني والفوضي وغياب الأمن وحالات الجريمة التي يمكن أن يتسع نطاقها بصورة خطيرة طوال أيام الانتخابات أمام صراع القوي السياسية ومعاركها التي لا تنتهي.. نحن أمام تيارات وقوي سياسية وصلت إلي حالة الصدام والانقسام ما بين الإسلاميين والليبراليين بحيث لا يوجد الآن فريقان متفقان علي مبدأ واحد.. إذا كان الهدف هو اختطاف البرلمان الجديد فلاشك أن ذلك لا يمثل مكسبا أو انجازا سياسيا للقوي الإسلامية أمام شارع تحاصره الفتن من كل جانب.. إن هذا المجلس القادم لن يفعل شيئا أمام حالة الفوضي السياسية التي تعيشها مصر الآن وفي ظل غياب الاستقرار والأمن والأزمة الاقتصادية الحادة التي يعاني منها المواطن المصري سوف تكون الانتخابات القادمة لغما جديدا لا نعرف الاثار السيئة التي سيتركها في الشارع المصري.. الانتخابات البرلمانية مخاطرة غير محسوبة العواقب والتجاهل المقصود لقرار المحكمة الدستورية العليا يهدد شرعية البرلمان القادم قبل أن يخرج للحياة..
نقلاً عن جريدة "الأهرام"