فاروق جويدة
قلبي مع امهات الشهداء.. لنا ان نتخيل أما فقدت ابنها وحصاد عمرها في احداث الثورة ماذا تفعل الآن وهي تمسك بثياب ابنها التي مازالت تحمل شيئا من عطره وذكرياته معها..
لنا ان نتصور حال هذه الأم وهي تشاهد علي شاشات التليفزيون كل يوم جثمان شهيد جديد وتستعيد معها ذكرياتها المرة وايامها الحزينة لنا ان نتصور هذه الأم وفرحتها يوم ان رأت ابنها الذي ضحي في سبيل مصر وشعرت يومها بالفخر والاعتزاز انها قدمت للوطن شهيدا.. ثم توارت الأحداث واختفت صورته المشرقة امام قنابل الدخان وفوضي المتظاهرين والصدام الدائم بين الأمن والمواطنين.. ما الذي يدور الآن في عقل وقلب هذه الأم بعد ان جفت الدموع وتوارت الأحلام ووجدت امامها سركا سياسيا كئيبا يتراقص علي جسد ابنها الشهيد.. لا الأحوال استقرت ولا العاطلون وجدوا عملا ولا الفقراء وجدوا سكنا ولا عرايا العشوائيات وجدوا ما يملأ بطونهم ثم شاهدت مواكب الانقسامات والمعارك بين ابناء النخبة التي اطاحت بكل احلام المستقبل والحياة الكريمة.. ان هذه الأم ساخطة الآن علي كل شئ انها ساخطة علي من وصلوا للسلطة ووجدوها فرصة لقمع الآخرين.. انها ساخطة علي هؤلاء الذين جعلوا من رفات ابنها خطبا وطريقا لزعامة مزيفة.. انها كارهة لهذه الأساليب السياسية الرخيصة في الوصول إلي السلطة علي دم الشهداء.. ان هذه الأم التي لم يسأل عنها أحد وتركناها في إحدي العشوائيات النائية أو في حجرة صغيرة من اطلال القاهرة القديمة أو في مقبرة يسكنها الأحياء.. هذه الأم تحتاج إلي أحد يواسيها وهي لا تفكر في المسئولين وقراراتهم لأنهم مشغولون بالانتخابات والاستفتاءات والفضائيات والمعارك في ميدان التحرير انهم يجنون ثمار الثورة المرة وكل ثمرة فيها شربت من دماء ابنها الشهيد لتبقي وصمة عار لكل من تاجر بهذه الدماء واتخذها طريقا للسلطة
عندي اقتراح للدكتورة نجوي خليل وزيرة التأمينات الاجتماعية ان تقيم احتفالية كبيرة يوم عيد الأم القادم لتكريم امهات الشهداء ربما وجدن في ذلك بعض الوفاء.
نقلاً عن جريدة "الأهرام"