فاروق جويدة
استطاعت الزميلة عائشة عبد الغفار بحسها الصحفي وتاريخها مع الديبلوماسية المصرية العريقة أن تقدم للقاريء عملا تاريخيا بديعا وهي تتناول حياة جدها أحمد عبد الغفار باشا في مجلد ضخم صدر أخيرا..
في تاريخ مصر ما قبل ثورة يوليو صفحات كثيرة مجهولة وغامضة وكان التعتيم علي رموز هذه المرحلة أمرا عاديا أمام حسابات ومعارك بين من وقفوا مع الثورة ومن كانوا علي خلاف معها.. ورغم هذا الصراع إلا أن الفترة التي تناولتها عائشة عبد الغفار حملت الكثير من الأحداث والشخصيات لتاريخ رائع للوطنية المصرية حيث كان ميلاد دستور23 بعد ثورة19 وظهور زعيمها سعد زغلول.. ثم كان ميلاد حزب الوفد أعرق مدارس الوطنية وما تلاه من ظهور أحزاب سياسية أخري كان في مقدمتها حزب الأحرار الدستوريين وقد كان عبد الغفار باشا أحد كبار مؤسسي هذا الحزب.. اختلفت درجات الانتماء في الشارع المصري ما بين الوفد وغيره من الأحزاب وإن بقي الوفد دائما في المقدمة.. تنتقل زميلتنا العزيزة وهي تتحدث عن جدها بموضوعية شديدة تجردت فيها من مشاعر الأسرة وانتماء الأهل وقدمت مجموعة من الأحداث والوقائع ليس عن تاريخ جدها فقط ولكن عن هذه الفترة الخصبة من التاريخ المصري الحديث.. إن في مصر عائلات كثيرة لها تاريخ وأصول ابتداء بالأسرة العلوية التي حكمت مصر وانتهاء بعائلات مثل الأباظية وسراج الدين وتيمور وشريف ومورو وواصف وغالي ودوس ولملوم وعبد النور وعبد الرازق ويكن والوكيل والبدراوي وبلبع وقد بقيت هذه العائلات بعيدة عن الدراسات التاريخية حتي طالعتنا الكاتبة بهذا المجلد الضخم عن عائلة عبد الغفار وربما شجع ذلك الكتاب أسماء أخري من أبناء هذه العائلات لكي نفتح معها وبها بعض صفحات تاريخ مصر الحديث.. إن هذا الكتاب الذي يتناول أحد رموز الوطنية المصرية من أبناء محافظة المنوفية يعتبر إضافة حقيقية للمكتبة التاريخية خاصة أن عددا كبيرا من المتخصصين في الدراسات الجادة تابعوا هذا الإنجاز مع مقدمة للدكتور بطرس غالي أمين عام الأمم المتحدة السابق واحد رموز الديبلوماسية المصرية في عصرها الذهبي..
نقلاً عن جريدة " الأهرام " .