فاروق جويدة
منذ أكثر من عشر سنوات كانت لى تجربة مريرة مع تعيينات النيابة فقد تناولت القضية فى مقال بالأهرام من خلال بعض الرسائل التى حرمت الشباب المتفوقين فى كليات الحقوق من الانضمام إلى الهيئة القضائية بينما اتاحت الفرصة لعدد من أبناء القضاة كانوا اقل مجموعا وكانت هذه القصة وراء اصابتى بأزمة صحية حادة عانيت منها ومازلت..وقد ثارت القضية فى الأيام الأخيرة لأن الأزمة مازالت والقضية لم تحل وهناك أعداد كبيرة لم تلتحق بالنيابة لأسباب تتعلق بالوضع الاجتماعى لأسرة الطالب ومستواها العلمى والاجتماعي..فى هذه المحنة واجهت ظرفا صعبا أمام احالتى للتحقيق لدى النائب العام بقرار من المجلس الأعلى للقضاء ويومها رفضت أن اعتذر لاننى لم أخطئ ولم اتناول القضاء بما يسئ وجلست ساعات أمام المستشار مصطفى خاطر مع متابعة من المستشار السرجانى وقدمت للنائب العام يومها صوراً لشهادات التخرج للمقبولين والمرفوضين واتضح منها التفاوت الرهيب بين طلاب قضوا تسع سنوات أو ست سنوات فى كلية الحقوق وآخرين كانوا من أوائل دفعاتهم..وللأسف الشديد لم تحسم القضية حتى جاء المستشار ممدوح مرعى وزير العدل وقرر الا يدخل النيابة طالب لم يحصل على تقدير جيد مهما كان وضعه الاجتماعي..ويبدو ان الموقف لم يتغير فسرعان ما عادت الدفعات التكميلية التى تخصصت فى قبول أسماء معينة بل أن الأزمة زادت حدتها بعد أن تقرر وقف تعيين وكلاء للنيابة لأعداد من المتقدمين نجحوا ووصلوا إلى المراحل النهائية فى الاختبارات والحقيقة أن قضية التعيين فى النيابة تحمل ارثا طويلا من المجاملات وأنا لا أريد أن أخوض فى تفاصيل هذا الملف فقد عانيت منه كثيرا إلا أن هذا لا يمنع من أن نؤكد أن تعيين قضاة المستقبل يحتاج إلى درجة كبيرة من الشفافية والموضوعية وتطبيق قواعد العدالة فى الاختيار حسب التقدير والكفاءة ودرجة التميز..أن هذه القضية وغيرها من عمليات توريث المناصب فى مصر تهز أركان هذا المجتمع فى العمق لأنها تهدم جدران العدالة وتلغى مبدأ دستوريا شديد الوضوح، وهو تكافؤ الفرص ويبدو اننا نحتاج زمنا آخر حتى نضع الأشياء فى مكانها الصحيح.