فاروق جويدة
كان سودانيا مصريا ليبياً وقضى سنواته الأخيرة في المغرب وفى هدوء وبعد رحلة علاج طويلة مع المرض رحل محمد الفيتورى شاعر افريقيا الذى تغنى بعذابات أوطانها وشعوبها في شعر اهتزت به القلوب .
. رحل الفيتورى بعد مشوار طويل مع الكلمة مدافعا عن الحرية والعدالة وحقوق الشعوب المغلوبة على أمرها ما بين استعمار بغيض وحكام مستبدين .. كان الفيتورى يحمل ثلاث جنسيات فهو سودانى الأصل مصرى الهوى ليبى الإقامة تخرج في كلية دار العلوم وانتقل ما بين القاهرة والأسكندرية وعاش في ليبيا ثم جاء إلى القاهرة مسئولا في سفارة ليبيا وفى آخر المطاف هبطت به سنوات الرحيل في المغرب .. ترك وطنه الأول السودان في عهد الرئيس نميرى واختار المنفى وطنا ورغم حرص الدولة السودانية في فترات لاحقة على استعادة طائرها المهاجر فإنه رفض العودة وكان أحيانا يذهب إلى السودان زائرا.. تغنى الفيتورى كثيرا بقضايا الحرية والظلم والاستبداد التى تعرضت لها شعوب افريقيا وحقق شهرة كبيرة على مستوى الشعر العربى كصوت شعرى مميز وأصيل .. وكان صديقا لمعظم المثقفين المصريين من أبناء جيله والأجيال التى جاءت بعده .. وقد عرفت الفيتورى سنوات طويلة فى أثناء إقامته في القاهرة وكانت لنا لقاءات كثيرة في صحبة الروائى المصرى الكبير صبرى العسكرى والشاعر الصديق عبدالقادر حميدة وكان الفيتورى يعتز كثيرا بجواز سفره المصرى وانه قضى أجمل سنوات عمره في القاهرة والإسكندرية وكان يحفظ كل محافظات مصر .. في شعر الفيتورى مشاعر رقيقة حين تغنى بالحب ومشاعر ثائرة حين قاوم الاستبداد ومشاعر رافضة وهو يتناول قضايا الشعوب الإفريقية المغلوبة على أمرها .. وكانت قصائد الفيتورى خاصة الإفريقية مجال بحث ودراسات في أكثر من لغة واحتل مع رائد الرواية السودانية الطيب صالح مكانة خاصة في الأدب العربى بل والأدب العالمى .. اختلفت ثلاث دول على قبر الفيتورى السودان والمغرب وليبيا وفى أى هذه الدول يوارى الجسد المتعب .. وكان المغرب هو المكان الذى احتوى جسد الطائر المهاجر.