فاروق جويدة
فى شبابنا ندفع بسخاء دون أن ننظر فى الرصيد حتى لو سحبنا على المكشوف .. وفى رجولتنا تبدأ رحلة التراجع ونتعامل بالمليم حين كانت له قيمة..
وفى شيخوختنا ننتظر العون من السماء، لأن الرصيد نفد ودفتر الشيكات انتهت صلاحيته والبنك وضعنا على قائمة العملاء غير المرغوبين..يستطيع الإنسان أن يتجنب ذلك كله بأن يوفر شيئا من رصيد الشباب ويضيفه على أيام الرجولة..ويأخذ ما تبقى من زمن الرجولة إلى زمن الجفاف.. والجفاف عندى هو سنوات العمر التى نرغب فيها فى أشياء كثيرة ونكتشف أن الرصيد نفد .. أحيانا تتمنى أن تتصل بصديق وتتحدث معه فترة طويلة فى التليفون وينقطع الخط فجأه وتكتشف أن رصيد الكارت نفد .. وأحيانا تتمنى لو استعدت لحظة مع امرأة ملكت الكون بها وتراها حلما بعيدا وان ما بقى بينكما فراغ سحيق وتسأل نفسك وتراجعها ربما تركت لها جرحا ربما تخليت عنها فى لحظة احتياج وربما هى التى فعلت ذلك .. فى شبابنا يكون رصيد الأحلام اكبر كثيرا من رصيد القدرات تتمنى أن تسافر بعيدا وأنت لاتستطيع .. تتمنى أن تشترى أشياء كثيرة وأنت لا تملك المال.. تشتهى أشياء تحبها ولاتجد الطريق إليها.. وحين تتقدم سنوات العمر وتحقق أحلامك التى قضيت العمر تجرى خلفها تكتشف انك تملك الأشياء ولاتملك الإرادة .. أصعب المواقف فى الحياة أن تتعارض الأشياء داخلنا أن تملك ولا تقدر أن تكون غنيا بالمال وفقيرا فى المشاعر أن تجد الآلاف حولك وأنت تريد شخصا واحدا لا تراه .. فى هذا المشوار المؤلم حاول أن تبحث دائما عن شئ ما يسعدك لا تفكر كثيرا فيما ضاع وما بقى لك من رصيد فى بنوك الحياة أن شيئا بسيطا يمكن أن يسعدك رفقة جميلة.. إحساس عابر .. براءة افتقدت عبيرها، موقف يحسبه الناس لك شهامة فى زمن لم يعد يعترف بها. وقبل هذا كله أن تضع كل إنسان فى مكانه، من يستحق أن تحمله على رأسك ومن لايستحق أن تنظر فى وجهه.