المسؤولية مرتبطة بالمحاسبة

المسؤولية مرتبطة بالمحاسبة..

المغرب اليوم -

المسؤولية مرتبطة بالمحاسبة

عبد العالي حامي الدين

قال أستاذ السوسيولوجيا محمد الناجي: «إن مهرجان موازين أصبح فضاء للاحتفاء بالأقوياء، الأقوياء جدا..وفسّر الناجي بقاء المهرجان واستمراره بـ»خلفيته السياسية»، واصفا إياه بـ»الفعل المتعسّف من جانب السلطة، مستعملا عبارة «fait du prince»، التي تعني في الفقه القانوني الإداري ذلك الإجراء المتعسّف الذي تفرضه السلطة، ويستوجب التعويض لفائدة المتضرّرين منه.

ولكونه، كذلك، فعلا، فإن قيام مسؤولي القناة الثانية، وعلى رأسهم السيدان فيصل العرايشي وسليم الشيخ مساء الجمعة الثانية من شهر شعبان الحالي، بنقل مباشر للحفل الراقص للمغنية الأمريكية جنيفير لوبيز بملابسها الاستعراضية المصممة كلها على شاكلة ملابس البحر النسائية المثيرة، ليس إلا تكريساً لمن يستعمل التكليف العمومي لإرضاء من يعتقدهم الأقوياء دون مراعاة لمشاعر المواطنين وقيمهم، حتى ولو كان هؤلاء المواطنين هم من يؤدون أجورهم، ومن أرزاقهم تُجبى الضرائب التي تمول ميزانياتهم التي تبتلعها الثقوب السوداء.

لقد اشتمل العرض على وصلات راقصة مليئة بالإيحاءات الجنسية، أداها فتيات وفتيان شبه عراة في فريق لوبيز، بالإضافة إلى أدائها الخاص كعميدة لفريقها الراقص، وقد تناوب مخرجو السهرة التلفزيونية على تصوير هذه الوصلات من مختلف الزوايا، فاقتحمت هذه المشاهد عنوة، وبدون سابق إنذار شاشات مئات الآلاف من الأسر المغربية المعروفة بانفتاحها على الفن الراقي والرفيع في إطار قيمها وثوابتها الأصيلة، والرافضة في الآن نفسه للابتذال والتفسخ والانحلال.

هكذا تكفلت القناة الثانية بوقاحة واستعلاء من يشتغل من أجل إرضاء الأقوياء، بإيصال هذه اللقطات الفاضحة إلى قلب كل بيت مغربي صادف تلفازه برنامج القناة، دون أن تكلف نفسها حتى عناء الإشارة إلى منع الأطفال من مشاهدة هذا العرض، الذي لا يمكن تصنيفه إلا في دائرة المواد الإباحية التي تؤثر سلبا على الأطفال، وهي بمثابة اعتداء صارخ على القيم المغربية الأصيلة وتقاليد الحشمة والحياء التي دأبت الأسر المغربية على تنشئة أفرادها عليها.

الدستور المغربي واضح في تشديده على ضرورة احترام ثوابت المملكة، وفي عدم جواز المساس بالسلامة المعنوية أو الكرامة الإنسانية (الفصل 22) كما اعتبر بأن «الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع»، وأن «الدولة تعمل على ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة، بمقتضى القانون، بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها» (الفصل 32).

كما تنص المــادة 3 من قانون رقم 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري على أن «حرية الاتصال تمارس في احترام كرامة الإنسان..وكذا احترام القيم الدينية والحفاظ على النظام العام والأخلاق الحميدة..».

لقد شعر المغاربة ولازالوا (وهي حالة مستمرة ومتصاعدة) جماعات وأفرادا، باستياء شديد وغضب عارم من تصرف القائمين على التلفزيون العمومي، وخاصة القناة الثانية، واعتبروه إهانة وإذلالا لهم، فتعددت ردود الأفعال، إذ غصت صفحات التواصل الاجتماعي بتعابير الاستهجان والاستنكار، كما نادت بعض الهيئات إلى تنظيم احتجاجات شعبية وصدرت بيانات منددة لأحزاب سياسية وجمعيات مدنية وحقوقية، ولا حديث في الأوساط الشعبية إلا على إدانة هذا الفعل الشنيع..المغاربة غاضبون لأنهم شعروا بالمساس بكرامتهم من خلال استهداف قيم العائلة، وكذا وحدتهم الاجتماعية الأساسية..

مطالب الرأي العام الغاضبة تتأسس هذه المرة على معطيات موضوعية تنتظر قرارا حكيما يرد لها الاعتبار ويحد من امتهان كرامتها..

الرأي العام ينتظر استقالة المسؤولين عن بث هذه الفضيحة..ينتظر استقالة فيصل العرايشي وسليم الشيخ، وإلا فلنقرأ صلاة الجنازة على المبدأ الدستوري لربط المسؤولية بالمحاسبة..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسؤولية مرتبطة بالمحاسبة المسؤولية مرتبطة بالمحاسبة



GMT 19:20 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 19:17 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 19:15 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 19:13 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 19:10 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 19:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

مسمار جحا

GMT 18:58 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

جمال بدوي محارب قديم!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 05:02 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
المغرب اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 15:40 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انخفاض أسعار النفط بعد بيانات عن إنتاج الخام الأمريكي

GMT 15:58 2022 الإثنين ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهم اليابان تحقق مكاسب طفيفة بتأثير من مخاوف رفع الفائدة

GMT 21:29 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

الأمن المغربي يطيح بسارق وكالة بنكية في مدينة فاس

GMT 04:02 2022 الأحد ,16 كانون الثاني / يناير

الرجاء المغربي يقدم عرضا رسميا لضم اللاعب حمزة خابا

GMT 20:31 2021 الجمعة ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الإصابة تُبعد نوير عن مواجهة رومانيا في تصفيات المونديال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib