9 مارس الذكرى والعِبرة

9 مارس.. الذكرى والعِبرة..

المغرب اليوم -

9 مارس الذكرى والعِبرة

عبد العالي حامي الدين

هل كان خطاب 9 مارس جوابا مؤقتا عن «أزمة عابرة»، أم كان جوابا تاريخيا لتدشين مرحلة سياسية جديدة في تاريخ المغرب؟

خطاب 9 مارس اعتبره الجميع آنذاك خطابا تاريخيا بجميع المقاييس، لأنه قدم جوابا سياسيا عن أكبر حركة احتجاجية شهدها المغرب للمطالبة بالديمقراطية في سياق إقليمي ثوري سقطت فيه رموز أنظمة دكتاتورية تحت ضغط الشارع.
كان جوابا سياسيا، ذكيا وسريعا ومختلفا عن الأجوبة الأمنية التي قدمتها أنظمة أخرى نزلت إلى الشوارع بالدبابات لقمع شعوبها وإطلاق الرصاص على المتظاهرين، كما كان خطابا تاريخيا من حيث مضامينه المتمثلة في الإعلان عن فتح ورش الإصلاح الدستوري، الذي كان مطلبا حاضرا في خطاب الطبقة السياسية، ولكن بمستويات مختلفة وقناعات متباينة، ولم يتم التفاعل معه إلا بفضل الديناميكية الاحتجاجية لشباب 20 فبراير.
وهو خطاب أسّس لنموذج دستوري متقدم ينزع نحو تقوية الطابع البرلماني للنظام السياسي المغربي من خلال سيادة الأمة، وسمو الدستور، وفصل السلط، وربط المسؤولية بالمحاسبة، والانبثاق الديمقراطي للسلطة التنفيذية بقيادة رئيس الحكومة المعين من الحزب، الذي يتصدر الانتخابات والاعتراف بالقضاء كسلطة مستقلة ودسترة حقوق الإنسان إلى غير ذلك من المقتضيات الجديدة..
الدرس الأول، هو قدرة الجالس على العرش على جسّ نبض الشارع والتفاعل معه بطريقة استباقية، على عكس العديد من النخب السياسية التي تأخرت كثيرا في فهم هذه الديناميكية.
الدرس الثاني، هو أن الفعل الاحتجاجي، المُؤطّر بقواعد سلمية واحترام المؤسسات، كان له دور كبير في تجنيب المغرب مخاطر مسار تحكمي كان يحاول إعادة التجربة الـ»بنعلية» بالمغرب،.
الدرس الثالث، هو أن الملك محمد السادس تبنى الخيار الديمقراطي بشكل لا رجعة فيه، والذي يحتاج إلى نخب جديدة تتمثله لكي تتحرر من ثقافة سياسية قديمة موروثة عن مرحلة ما قبل 1999..
لا يمكن فهم خطاب 9 مارس دون أن نقرأ معه خطاب 17 يونيو 2011. الأول، وضع الأسس والمرتكزات. والثاني، اهتم بالمضامين الدستورية ورصد مظاهر التحول، وهي المضامين التي ينبغي أن تُؤطر مختلف مؤسسات الدولة في التعاطي مع دستور فاتح يوليوز.
أعتقد أن معاني خطاب 9 مارس و17 يونيو ينبغي أن تظل حاضرة في مختلف المراحل السياسية لمغرب ما بعد 20 فبراير، خاصة وأن البرلمان المغربي لازال يستكمل كتابة الدستور عبر القوانين التنظيمية، التي ينبغي أن تستحضر إرادة المشرع الدستوري، والتي تتضح أكثر بالرجوع إلى الخطابين المذكورين..
للأسف هناك من يريد طمس روح الخطابين السابقين، ويحاول أن يؤسس لممارسة سياسية لا تستحضر السياق السياسي للدستور الجديد وما أفرزه من تحولات..هناك محاولات حثيثة تعتقد بأن هدوء الشارع يعني إمكانية العودة إلى الأساليب القديمة، وهي قراءة خاطئة لا تنتبه إلى أن الظواهر الاحتجاجية كظواهر اجتماعية مرتبطة بقوانين اجتماعية وسياسية، وكلما توفرت الشروط والأسباب نفسها، فإنها تؤدي إلى النتائج نفسها، تماما كما يتبخر الماء عند الدرجة المائة من الحرارة..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

9 مارس الذكرى والعِبرة 9 مارس الذكرى والعِبرة



GMT 19:20 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 19:17 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 19:15 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 19:13 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 19:10 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 19:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

مسمار جحا

GMT 18:58 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

جمال بدوي محارب قديم!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 05:02 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
المغرب اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 15:40 2022 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انخفاض أسعار النفط بعد بيانات عن إنتاج الخام الأمريكي

GMT 15:58 2022 الإثنين ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهم اليابان تحقق مكاسب طفيفة بتأثير من مخاوف رفع الفائدة

GMT 21:29 2022 الأربعاء ,26 كانون الثاني / يناير

الأمن المغربي يطيح بسارق وكالة بنكية في مدينة فاس

GMT 04:02 2022 الأحد ,16 كانون الثاني / يناير

الرجاء المغربي يقدم عرضا رسميا لضم اللاعب حمزة خابا

GMT 20:31 2021 الجمعة ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الإصابة تُبعد نوير عن مواجهة رومانيا في تصفيات المونديال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib