بوصلة الإصلاح الديمقراطي

بوصلة الإصلاح الديمقراطي

المغرب اليوم -

بوصلة الإصلاح الديمقراطي

بقلم : عبد العالي حامي الدين

في مقال سابق، ومباشرة بعد تعيين الدكتور سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة، كنت قد اعتبرت بأن طبيعة التحديات التي تحيط بالبلاد، “تستوجب من كل الفاعلين تغليب المصلحة العليا للوطن، والحرص على بناء توافقات قوية قادرة على رفع هذه التحديات، وهو ما يستدعي من مكوّنات المجتمع المغربي الداعمة لخيار الإصلاح في ظل المؤسسات، الاستمرار في التفاعل الإيجابي مع التراكمات التي حصلت وتحصين المكتسبات التي تحققت، والنضال من أجل تقوية هذا المسار من الناحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحقوقية، والمساهمة في تعميق الاختيار الديمقراطي”…

والمقصود بالتوافق في هذا السياق، هو ذلك الأسلوب الذي يعتمده الفرقاء السياسيون من أجل حل خلافاتهم السياسية، انطلاقا من تقديم تنازلات متبادلة لا تقف عند حدود نتائج العملية الانتخابية، وقد سبق أن كتبت بأن المشكلة لا ترتبط بعدد المقاعد الحكومية التي سيتولاها كل طرف، فمعلوم أن حزب العدالة والتنمية لم يتعامل بالأوزان الانتخابية مع حلفائه، سواء في الحكومة السابقة التي ترأسها الأستاذ عبدالإله بنكيران أو في الجماعات والجهات التي يدبر فيها تحالفاته مع قوى سياسية أخرى، وبالمناسبة فقد سبق لحزب العدالة والتنمية أن رشح لرئاسة جماعة الرباط الاتحادي فتح الله ولعلو سنة 2009 من الحزب الحاصل على 6 مقاعد، بينما كان حزب العدالة والتنمية أولى بالرئاسة، وهو الحاصل على 19 مقعدا…

إذن، ليست المشكلة في التنازل لهذا الحزب أو ذاك، في إطار منطق التوافق المبني على التراضي المتبادل والقبول الطوعي من قبل باقي الأطراف، والمندرج في إطار رؤية متفق عليها ومحكومة بمنطق التعاون في إطار من الكرامة والاحترام المتبادل، ولكن المشكلة الحقيقية، تكمن في اعتماد تنازلات متتالية بطريقة سريعة غير خاضعة لمنطق التوافق المبني على الرضا المتبادل، ما يعطي الانطباع بأننا أمام إملاءات فوقية تفقد معها المؤسسة الحزبية استقلالية قرارها.

لا مجال للشك بأن الحكومة التي تم الإعلان عنها مساء الأربعاء المنصرم، ليست هي الحكومة التي كان ينتظرها المغاربة الذين ذهبوا للتصويت يوم 7 أكتوبر، ولذلك دعا الأمين العام لحزب العدالة والتنمية أعضاء حزبه إلى وضع ما حصل بعد تكليف الدكتور سعد الدين العثماني، بين قوسين والتفكير في المستقبل، معتبرا بأنه من المؤكد أن الحزب خسر معركة، لكنه لن يتراجع عن مسيرة الإصلاح في إطار الاعتدال واستقلالية القرار الحزبي وحرية الرأي والتعبير والالتحام بالمجتمع..

بدون شك سيكون حزب العدالة والتنمية مطالبا بتقييم أدائه خلال هذه المرحلة، والوقوف عند الأخطاء الذاتية والمعطيات الموضوعية التي جعلت الحكومة الحالية بمثابة تعبير واضح عن تراجع في المسار الديمقراطي، وفي استقلالية الأحزاب السياسية..

ينبغي أن يتوجه التقييم، أيضا، إلى السياسة التي تنهجها بعض الجهات تجاه الأحزاب السياسية، والتي تجعلها أمام خيارين، إما احترام التعاقد مع المواطن أو القيام بما يرضي الدولة..!

من المؤكد أن الانقسامات التي عاشتها الأحزاب الوطنية كانت بين تيار يؤمن بالتعاقد مع المواطن والوفاء لالتزاماته، وتيار يريد أن ترضى عنه الدولة.. وكانت نهاية بعض هذه الأحزاب بعدما استسلمت لما تريده الدولة، منها أنها فقدت مصداقيتها وفقدت كل شيء، بل إن بعضها أصبح عالة على الدولة نفسها..

المعادلة التي يريد حزب العدالة والتنمية أن ينجح فيها هي الوفاء للشعب، والولاء للدولة مجسدة في ممثلها الأسمى..

وأي خلل في هذه المعادلة، من شأنه أن يخلق له مشاكل كثيرة في مسيرته، يفقد معها بوصلة الإصلاح الديمقراطي..

لازال أمامنا وقت للاعتبار..

فلننتبه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوصلة الإصلاح الديمقراطي بوصلة الإصلاح الديمقراطي



GMT 00:07 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

المغرب والجزائر.. واتحاد المغرب العربي

GMT 00:07 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

صحافة التشهير لا تواجه بالتشهير

GMT 05:51 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

قضية الصحراء والمنعطفات الخطيرة

GMT 00:05 2018 الجمعة ,30 آذار/ مارس

ماذا تبقى من تجربة التناوب؟

GMT 08:15 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

قضية بوعشرين.. البراءة هي الأصل

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 18:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة
المغرب اليوم - حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 18:36 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
المغرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 18:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
المغرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:49 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

المغربية عزيزة جلال تعود للغناء بعد توقف دام 30 عامًا

GMT 02:57 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

3 مشروبات شائعة تُساهم في إطالة العمر

GMT 08:43 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أبرز الأماكن السياحية في مصر

GMT 17:04 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

ديوكوفيتش يقترب من سامبراس ويحلم بإنجاز فيدرر

GMT 12:56 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الوداد ربح لقبا للتاريخ !!

GMT 22:00 2019 الأحد ,09 حزيران / يونيو

إسماعيل الجامعي رئيسا جديدا للمغرب الفاسي

GMT 02:18 2019 الأربعاء ,15 أيار / مايو

نجمات هوليوود تحتضن صيحة "الليغنغز" الملون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib