محاولة لفهم داعش

محاولة لفهم داعش..

المغرب اليوم -

محاولة لفهم داعش

عبد العالي حامي الدين

قراءتان تتجاذبان تحليل ظاهرة «داعش» الملفتة للانتباه، هذا التنظيم الذي بات يسيطر على مساحات شاسعة من سوريا والعراق..

 القراءة الأولى تستند إلى نظرية المؤامرة وتطرح السؤال على الشكل التالي: من يقف وراء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام؟ هذه القراءة تلجأ مباشرة إلى اتهام جهة خارجية بالوقوف وراء هذا التنظيم ومده بأسباب القوة والنجاح لأهداف استراتيجية، قد تكون هذه الجهة ـ حسب البعض ـ هي المخابرات الأمريكية من أجل خلق نوع من التوازن مع الشيعة في المنطقة، وقد تكون المخابرات الإيرانية من أجل تشويه نموذج الدولة الإسلامية التي تطرحه الجماعات السلفية السنية وتقديمه للعالم في صورة مقززة قصد كسب رأي عام عالمي مساند لها في معركتها إلى جانب النظام السوري والعراقي، وقد تكون المخابرات السعودية أو القطرية دعما للجماعات السنية ضد الشيعة..

هذه القراءة تستند إلى اعتبارات سياسية بالدرجة الأولى، يحاول فيها كل طرف استغلال بشاعة هذا التنظيم لتشويه الطرف الآخر..

أما القراءة الثانية فتنطلق في تحليل الظاهرة من السؤال التالي: ما هي العوامل التي ساهمت في بروز ظاهرة داعش، وكيف تشكل هذا التنظيم خلال السنوات الأخيرة، أي منذ الاحتلال الأمريكي للعراق؟

هذه القراءة تعتمد على قراءة الظاهرة من الداخل عبر دراسة مسارات قيادييها ورصد أهم مواقفها وأسلوبها في العمل.

القراءة الثانية تبدو أكثر تماسكا وموضوعية. كيف ذلك.

أولا، لا يتعلق الأمر بتنظيم له مرجعية فكرية يمكن محاكمته على أساسها، على خلاف تنظيمات السلفية الجهادية، ولا تعرف بين قياداته أي أسماء لها وزن شرعي أو علمي، بل إن جميع الشخصيات ذات التكوين الشرعي والمعروفة في الوسط الجهادي (من أمثال أبو محمد المقدسي، وأبو قتادة الفلسطيني، وهاني السباعي، فضلاً عن زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري) أصدرت عدة بيانات  تحذر فيها من غلو تنظيم الدولة الإسلامية، وإفراطه في التكفير وسفك الدماء، كما عبرت عن عدم شرعية إعلانه الدولة، ثم الخلافة.

 وفي الوقت الذي أقدمت «داعش» على ذبح صحافي أمريكي بطريقة متوحشة، قام تنظيم القاعدة بتسليم صحافي أمريكي إلى القوات الأمريكية بعد وساطة قطرية وذلك لإعلان التمايز الحاصل بين التنظيمين.

في المقابل، هناك حضور قوي لشخصيات عسكرية بعثية لها سوابق في الجيش العراقي أيام الراحل صدام حسين، وهو ما يطرح الكثير من الأسئلة حول المسار الذي قطعته هذه الشخصيات لتصل إلى قيادة هذا التنظيم، الذي يرفع راية «الدولة الإسلامية»، وتأثير هذا المسار على مقدار الوحشية والعنف المتمثل في الإعدامات الجماعية وقطع الرؤوس والتمثيل بالجثث.

إن مسار العديد من قيادات هذا التنظيم يجر وراءه تراكما هائلا من البطش والتنكيل والتعذيب منذ زمن الحكم الدكتاتوري لصدام، مرورا بالحرب العراقية الإيرانية، بعدها حرب الخليج الأولى والثانية وما أعقبهما من احتلال أمريكي مارس أبشع أشكال التنكيل والقمع بالمواطنين العراقيين، قبل أن تسقط البلاد في يد نظام طائفي مغلق تسبب في اندلاع حرب طائفية مروعة ذهب ضحيتها الآلاف بسبب الاختلاف في المذهب..

يُضاف إلى هذا المسار أن اعتماد العنف بطريقة بشعة تركز على القتل والذبح وقطع الرؤوس، وما يتبع ذلك من نشر ودعاية على أوسع نطاق هو «استراتيجية منهجية» لبث الرعب في المخالفين، وهو ما نجح فيه هذا التنظيم إلى حدود الساعة، فليس هناك تفسير منطقي لهروب قوات النظام العراقي وقوات البيشمركة إلا الإحساس بالرعب من الصور السائدة عن وحشية هذا التنظيم، ساعد في ذلك التكوين العسكري لقياداته ونزوعاتها البراغماتية التي تركز على الإنجاز مقابل تحللها من أي التزامات أخلاقية أو شرعية..

أما عن قدرة هذا التنظيم على استقطاب عدد من الشباب الغاضب من جنسيات مختلفة فلا يمكن تفسيره إلا بانجذاب هؤلاء الشباب نحو حلم «الدولة الإسلامية»..

 وتلك قصة أخرى تحتاج إلى وقفة خاصة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محاولة لفهم داعش محاولة لفهم داعش



GMT 19:34 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 19:31 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 19:28 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 19:19 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 19:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 08:18 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:18 2022 الأربعاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

« بكتيريا متطرفة » لإزالة التلوث النفطيِ

GMT 23:41 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

هامبورغ أكثر الأماكن المذهلة لقضاء شهر العسل

GMT 14:14 2017 الإثنين ,05 حزيران / يونيو

اتحاد طنجة يخطط لضم نعمان أعراب من شباب خنيفرة

GMT 16:18 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الإتحاد الأوروبي يطلّق تحقيقاً مع تيك توك ويوتيوب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib