لن ترهبونا

لن ترهبونا..

المغرب اليوم -

لن ترهبونا

عبد العالي حامي الدين

شاءت إرادة الله أن نستمر في الحياة، وأن يحرمنا من نعمة الشهادة، وهذه سنة الله في الكون: لا يموت شهيدا إلا من كتب عند الله من الشهداء.. فهنيئا لك بالشهادة أخي عبد الرحيم.
«إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي الرب»، عزاؤنا في وفاة الشهيد وإنا لله وإنا إليه راجعون.
أم الشهيد عبد الرحيم قدمت درسا في الصبر والاحتساب والتسامح والعفو.. أما أبو الشهيد فقد بدا صابرا محتسبا راضيا بقضاء الله وقدره.. وهذا من أخلاق الإسلام وسماحته، ونتيجة تربية أسرية قائمة على حب القرآن الكريم والتعلق به، كيف لا وعبد الرحيم كان حافظا لكتاب الله.
حينما قدمت العزاء لشقيق الشهيد عبد الرحيم، الأستاذ عبد الحق، ونحن في موكب الجنازة المهيب، وجدته صابرا محتسبا همس إلي بكلمات أستسمحه في اقتسامها مع قراء هذا العمود، قال لي بالحرف: «عزاؤنا في استشهاد عبد الرحيم هو أن تستمروا في الثبات على المبادئ، وأن يتوقف العنف في الجامعة». لم أتمالك دموعي، وسألت الله تعالى أن نكون عند حسن ظنه بنا.
جريمة الاغتيال سبقتها رسائل تهديد، لكن إصرار القتلة على تنفيذ جريمتهم رغم إلغاء النشاط الذي كانت تعتزم منظمة التجديد الطلابي تنظيمه هو رسالة تهديد في حد ذاتها.. رسالة تهديد بالقتل مفتوحة في الزمان والمكان.
باختصار، ودون الدخول في التفاصيل، نقول لمن يحرك هؤلاء المجرمين: رسائل تهديدكم أخطأت العنوان وسنستمر في أداء رسالتنا الإصلاحية وفي الوفاء بالتزامنا مع الله ومع شعبنا ووطننا...
الذين خططوا لهذه الجريمة لا يؤمنون بدولة قانون ولا بسلطة قضاء. الذين خططوا لهذه الجريمة نصبوا أنفسهم مكان سلطة القضاء، وأصدروا حكما بالإعدام نفّذ في حق عبد الرحيم.
الجريمة ليست معزولة عن مناخ سياسي عمل المخططون على شحنه وتأجيجه ضاربين عرض الحائط بأحكام القضاء وقرارات هيئة الإنصاف والمصالحة، متوسلين لذلك بكل الأدوات القذرة.
من غذّى الحقد الأعمى في نفوس هذه الفئة المسماة «برنامج مرحلي»، التي لا يعرف لها زعيم ولا رئيس ولا مسؤول، وهي قابلة للتوظيف من طرف من اعتادوا القيام بالمهام القذرة؟
الجريمة لا يمكن تبريرها بالصراع الإيديولوجي أو بالاختلاف الفكري. الجريمة هي جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.. وكل من يحاول البحث عن الأعذار الواهية فهو مشارك فيها ومتواطئ مع مرتكبيها.
المناسبة هي لقاء فكري أراد له منظموه أن يكون للحوار بين اليسار والإسلاميين من أجل مستقبل ديمقراطي أفضل.
الذي خطط للجريمة لم يهدف إلى نسف الندوة فقط، ولكنه أراد أن ينسف فكرة الحوار من أصلها، وسخر لها برنامج القتل المرحلي في البداية، والآن يسخر الأقلام المأجورة التي تعيب على ثلاثة أساتذة باحثين من توجهات فكرية مختلفة اعتادوا على إدارة اختلافاتهم عن طريق الحوار المتحضر.
الذي خطط لهذه الجريمة يرفض أي تقارب بين اليسار والإسلاميين، على أرضية البناء الديمقراطي ووفق الثوابت الجامعة للأمة المغربية، ومازال مستمرا في نسف فكرة الحوار في انتظار التوقيت المناسب للعودة إلى التحكم والهيمنة.
الذي خطط لهذه الجريمة جند لها العديد من الأقلام المأجورة التي اعتادت على تزوير الحقائق وترويج الكذب وطمس معالم الحقيقة، وأغرق الساحة ببيانات رديئة لمنظمات شبيبية «وهمية» وتصريحات مخدومة لأشخاص باعوا ضمائرهم للشيطان بعدما أفلسوا في ساحة النضال السياسي.
الذي خطط لهذه الجريمة هو الذي استفاق بعد عشرين سنة ليرتزق بدم الشهيد، ويوظفه في معركة سياسية فاشلة، متلاعبا بأرواح المواطنين وبنعمة الأمن والاستقرار في البلاد.
السؤال البديهي الأول الذي يطرحه المحققون في جرائم القتل: من المستفيد من الجريمة؟ وما هي رسائله؟
جريمة القتل ارتكبت، ورسالة تهديدكم واضحة.
لكنكم لن ترهبونا لأننا لسنا طلاب نعيم دنيوي زائل.. وسننتصر عليكم.. نعم، سننتصر عليكم.. بقيم التسامح والاعتدال والعفو والصبر.
أما إذا انتقلتم من التهديد إلى القتل فحسبنا أننا سنكون شهداء.
وبيننا وبينكم الجنائز.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لن ترهبونا لن ترهبونا



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:46 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:49 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

المغربية عزيزة جلال تعود للغناء بعد توقف دام 30 عامًا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib